حاضنة ولد رسول الله ﷺ بعد وفاة خديجة رضي الله عنها، وأم المؤمنين ، وأول من دخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة رضي الله عنها. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد موت خديجة وقبل عائشة رضي الله عنهم
وقد انفردت بصحبة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع سنين لَا تشاركها في رسول الله ﷺ امرأة ولا سَرِيّة ،وكانت سَوْدَة رضي الله عنها من سادات النّساء ([1])
قال ابن سعد: أسلمت سودة بمكة قديمًا وبايعت، وأسلم زوجها السكران بن عمرو وخرجا جميعًا مهاجرين إلى أرض الحبشة فى الهجرة الثانية
نسبها
سَوْدَةُ بنت زَمَعَةَ بن قيس بن عبد شمس بن عبد وُدّ بن نصر بن مالك بن حِسْل – ويُقال حُسيل – بن عامر بن لُؤيّ، بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
تجتمع مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في لؤي
معني سودة
الأرض ذات النخيل وتصغريها سويدة وقيل اسم سودة معناه السفح المرتفع الغالب عليه السواد ، والزمعة هي النُّتْفَةُ أو الحزمة من النَّباتِ أو المنخفضَ من الأرض أو الشعرات المُدلاة في مؤخر رِجْل الشاة والظبي والأرنب([2])
أمها:
الشمّوس بنت قيس بن عمرو بْن زيد بْن عَمْرو بْن لبيد بْن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار القحطانية
لها رواية عن رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – خمسة أحاديث، وروى عنها عبد الله بن عباس،
وعدد من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم منهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما، ومن التابعين يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن، ويوسف بن الزبير، ومولى الزبير بن العوام
أخوتها
مالك بن زمعة بن قيس القرشي العامري صحابي من السابقين إلى الإسلام ، هاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية ومعه امرأته عميرة (وقيل عمرة ) بنت السعدي. وتُوُفِّي مالك بْن زمعة وليس له عقب.
كنيتُه أبو محمد، هاجر إلى الحبشة المرة الثانية، ثم قدم مع جعفر بن أبي طالب، وكان معه امرأتُه عُميرة بنت السعديّ، من بني عامر بن لؤي ولمالك صحبةٌ ورؤية، وليس له رواية([4])
عبد بن زمعة، كان علي الكفر حينما تزوج النبي ﷺ من السيدة سودة ، فجعل يحثُو على رأسِه الترابَ ندمًا على زواج أخته، ولما أسلم قال: «إني لسفيهٌ يومَ أحثو على رأسِي الترابَ أن تزوجَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سودةَ
أميمة بنت زمعة
شهد زوجها عبد الرحمن بن مشنو مع المشركين بدرا فأسر يومئذ، أسره النعمان بن مالك، ثم أسلم عبد الرحمن بن مشنو بعد ذلك، وكان اسمه عبد العزى فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن([5])
هريرة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس
قال جعفر: لها صحبة ،زوجها «معبد بن وهب» شهد بدرا فقاتل بسيفين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا لهف نفسي على فتيان عبد القيس! أما إنهم أسد الله تعالى في الأرض([6])
زوجها
هو السَّكْران بن عَمْرو بن عَبْد شمس بن عبد وُدّ بن مالك بن نَصر بن حِسْل بن عامر بن لؤيّ القرشيّ العامريّ.
رجع إلى مكة فمات بها فتزوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلم بعده زوجته سودة بنت
زمعة، وزوجه إياها أخوه حاطب
وقيل مات في الحبشة نصرانيا، وزعم أبو عبيدة أنه رجع إلى الحبشة فتنصّر بها ومات
وهذا غير صحيح لأنه مات مسلما في مكة بعد رجوعه من الحبشة ، ولو مات كافرا لنتشر خبره في كتب السير ،والمشهور أن الذي مات علي النصرانية هو عبيد الله بن جحش زوج السيدة أم حبية رملة بنت أبي ابي سفيان والصحيح أنه مات بمكة قبل الهجرة ([7])
يقول ابن كثير
([8]) مات عن (السيدة سودة) مسلما بعد رجوعه وإياها من أرض الحبشة إلى مكة رضي الله عنهما
وهو قول البلاذريّ أيضا (أي أنه مات مسلما)
أخوه خطيب قريش سهيل بن عمرو أسلم يوم الفتح، ومات مجاهدا في الشام في طاعون عمواس.
وأخوه أيضا حاطب بن عمرو أسلم وهاجر حاطب إلى الحبشة الهجرتين، ويقال أنه أول من هاجر إليها. ثم عاد إلى مكة، وهو الذي زوّج النبي ﷺ سودة بنت زمعة أرملة أخيه السكران بن عمرو.
وأخو سليط بن عمرو ال صحابي من السابقين إلى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية مع امرأته شارك سليط في حروب الردة، وقُتل معركة اليمامة سنة 12 هـ،
زواجها من رسول الله ﷺ
لما توفى زوجها السكران بن عمر بمكة و حلت ارسل إليها رسول الله ﷺ فخطبها، فقالت: امرى إليك يا رسول الله، قال رسول الله ﷺ: مرى رجلا من قومك يزوجك، فأمرت حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود(ابن عمها وأخو زوجها السكران) فزوجها، فكانت أول امراه تزوجها رسول الله ﷺ بعد السيدة خديجه رضي الله عنها
وعن ابن عباس ان رسول الله ﷺ خطب امراه من قومه، يقال لها سوده، وكانت مصبية،(لديها صبيان) لها خمسه صبيه او سته من بعل لها مات، فقال لها رسول الله ﷺ : ما يمنعك منى؟ قالت: يا نبى الله، ما يمنعني منك الا ان تكون أحب البريه الى، ولكن اكرمك ان تضغو هؤلاء الصبية عند راسك بكره وعشيه، فقال: هل يمنعك منى من شيء غير ذلك؟ قالت: لا والله، [فقال لها رسول الله ﷺ: ان خير نساء ركبن اعجاز الإبل صالح نساء قريش، احناه على ولد في صغره، وارعاه على بعل في ذات يد([9])
وقيل هذا الحديث ليس في السيدة سودة إنما هو في السيدة أم هانئ بنت عم النبي أبو طالب والله أعلم
فرسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أم هانئ بنت أبي طالب فقالت : يا رسول الله إني قد كبرت ولي عيال فذكر ﷺ الحديث
ولقد تزوج رسول الله ﷺ السيدة سوده رضي الله عنها في رمضان سنه عشر من النبوه، بعد وفاه السيدة خديجه، وقبل ان يتزوج عائشة، فدخل بها في مكة ([10])
وعن عائشة، قالت: لما توفيت خديجة، قالت خولة بنت حكيم بن أمية بن الأوقص، امرأة عثمان بن مظعون وذلك بمكة: أي رسول الله، ألا تزوج؟ فقال ومن؟ فقالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا، قال: فمن البكر؟ قالت ابنة أحب خلق الله إليك عائشة بنت أبي بكر، قال: ومن الثيب؟ قالت
سودة بنت زمعة بن قيس، قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه قال فاذهبي فاذكريهما علي فجاءت فدخلت بيت أبي بكر، فوجدت أم رومان، أم عائشة، فقالت: أي أم رومان؟ ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة، قالت
وددت (رجوت وتمنيت وأطلب وده ) انتظري أبا بكر، فانه آت، فجاء ابو بكر، قالت: يا أبا بكر، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة! أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة، قال: وهل تصلح له، إنما هي ابنة أخيه! فرجعت إلى رسول الله ص، فقالت له ذلك، فقال: ارجعي إليه، فقولي له: أنت أخي في الإسلام، وأنا أخوك، وابنتك تصلح لي؟ فأتت أبا بكر فذكرت ذلك له، فقال: انتظريني حتى أرجع، فقالت أم رومان: إن المطعم بن عدي كان ذكرها على ابنه، ولا والله ما وعد شيئا قط فأخلف فدخل أبو بكر على مطعم، وعنده امرأته أم ابنه الذي كان ذكرها عليه، فقالت العجوز:
يا بن أبي قحافة، لعلنا إن زوجنا ابننا ابنتك أن تصبئه (يكفر بالأصنام ويدخل الإسلام) وتدخله في دينك الذي أنت عليه! فأقبل على زوجها المطعم، فقال: ما تقول هذه؟ فقال: إنها تقول ذاك قال: فخرج أبو بكر، وقد أذهب الله العدة (الوعد) التي كانت في نفسه من عدته التي وعدها إياه، وقال لخولة: ادعي لي رسول الله، فدعته فجاء فأنكحه، وهي يومئذ ابنة ست سنين قالت: ثم خرجت فدخلت على سودة فقلت: أي سودة، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله يخطبك عليه، قالت: فقالت وددت! ادخلي على أبي فاذكري له ذلك، قالت: وهو شيخ كبير قد تخلف عن الحج، فدخلت عليه، فحييته بتحية أهل الجاهلية، ثم قلت
إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسلني أخطب عليه سودة، قال: كفء كريم، فماذا تقول صاحبته؟ قالت: تحب ذلك، قال: ادعيها إلي، فدعيت له، فقال: أي سودة، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك وهو كفء كريم، أفتحبين أن أزوجكه؟ قالت: نعم، قال
فادعيه لي، فدعته، فجاء فزوجه، فجاء أخوها من الحج، عبد بن زمعة، فجعل يحثي في رأسه التراب، فقال بعد أن أسلم: إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوج رسول الله سودة بنت زمعة([11])
وتزوجت رضي الله عنها من رسول الله ﷺ فقامت بتربية أولادة، والعناية ببناته رضي الله عنها
ولما كبرت وأسنت أراد النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يطلقها ففضلت أن تكون مع زوجاته في الدنيا والأخرة
فقالت له: امسكني واجعل يومي لعائشة، ففعل – صلى الله عليه وسلم – وماتت وهي من أزواجه ([12])
وقيل أن رسول الله ﷺ طلقها تطليقة، فبلغها ذلك فجمعت (لبثت) ثيابها، ثم جلست على طريقه الذي يخرج منه الرسول ﷺ إلى الصلاة. فلما دنا منها بكت، ثم قالت «يا رسول الله هل غمصت علي في الإسلام؟»(أي هل أخطأت في الإسلام؟) فقال «اللهم لا.» قالت «فإني أسألك لما راجعتني» . فراجعها. فقالت له «يا رسول الله يومي لعائشة في رضاك لأنظر إلى وجهك فو الله ما بي ما تريد النساء ولكني أحب أن يبعثني الله في نسائك يوم القيامة» ([13]).
ورويَ أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لها: “اعتَدِّي”. فقعدَتْ له على طريقه وقالت: أسألك بالذي اصطفاك على خلقه، أَطَلَّقْتَنِي لِمَوْجِدَةٍ وجدتَها عليَّ؟ قال: “لا” قالت: يا رسول الله، ما بي حُبُّ الرجال، ولكني أُحب أن أبْعَثَ في أزواجك، فراجِعني. فراجعَها
رؤية طيبة
قبل زواجها من رسول الله ﷺ كانت قد رأت في المنام أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل يمشي حتى وطئ على عنقها. فأخبرت زوجها. فقال وأبيك! لئن صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجنك محمد ﷺ» .
ثم رأت في المنام ليلة أخرى كأن قمراً انقض عليها من السماء وهي مضطجعة فأخبرت زوجها. فقال «وأبيك! لا ألبث إلا يسيراً حتى أموت. ثم تتزوجين من بعدي» . فاشتكى السكران من يومه ذلك فلم يلبث إلا قليلاً حتى مات)([14]).
قال أبو جعفر: ولا خلاف بين جميع أهل العلم بسيرة رسول الله ﷺان رسول ﷺ بنى بسودة قبل عائشة رضي الله عنهم
وفاتها :
ماتت فى آخر خلافة عمر، رضى الله عنه وعنها، وهذا قول الأكثرين. وذكر محمد بن سعد، عن الواقدى: أنها توفيت فى شوال سنة أربع وخمسين فى خلافة معاوية بن أبى سفيان بالمدينة. قال الواقدى: وهذا أثبت عندنا، والله أعلم([15]) ([16])
وصلَّى عليها عمر رضي الله عنه وهذا والله أعلم هو الأقرب للصواب لأنها لو عاشت الي زمان سيدنا معاوية اكان أثر عنها مواقف وروايات وأشياء كثير ، فضلا عن كبر سنها لما تزوجها رسول اللهﷺ
ولما توفيت سودة سجد ابن عباس فقيل له في ذلك؟ فقال: “قال رسول الله: إذا رأيتم آية فاسجدوا”، ويقصد بأن وفاة أزواج النبي آية أي أنه أمر عظيم. [السمط الثمين/117]
أحكام فقهيه أثرت عنها
عن سودة بنت زمعة قالت كانت لنا شاة فماتت فطرحناها فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما فعلت شاتكم فقلنا رميناها فتلا قوله تعالى [قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه] الآية أفلا استمتعتم بإهابها فبعثنا إليها فسلخناها ودبغنا جلدها وجعلناه سقاء وشربنا فيه حتى صار شنا ( قربة صغيرة)
وقالت أم سلمة مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميمونة فقال (ما على أهل هذه لو انتفعوا بإهابها) ([17])
ومنها
عن سودة بنت زمعة، قالت: ” جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع أن يحج، أفأحج عنه؟ قال: ” أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته، قبل منك؟ ” قال: نعم قال: ” فالله أرحم، حج عن أبيك)([18])
هجرتها الي المدينة
وبعد هجرته ﷺ إلى المدينة، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب أهله، فقدمت ابنتاه فاطمة، وأم كلثوم، ومعهما سودة بنت زمعة زوجته وأسامة بن زيد، وكانت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد هاجر بها زوجها عثمان بن عفان قبل ذلك، وحبس أبو العاص بن الربيع، امرأته زينب بنت رسول الله، كما قدمت عائشة بنت أبي بكر مع أخيها، فأنزلهم النبي جميعًا في بيت حارثة بن النعمان ([19])
نزول آيات من القرآن بسببها
لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفارقها- ويقال بل فارقها- قالت: يا رسول الله لا تفارقني وأنا أجعل يومي لعائشة، فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصالحها على ذلك. وفي ذلك أنزل الله عز وجل وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير 4: 128 الآية. قالت عائشة: نزلت في سودة بنت زمعة ([20])
وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (الرجل تكون عنده المرأة، ليس بمستكثر منها، يريد أن يفارقها، فتقول: أجعلك من شأني في حلٍّ، فنزلت هذه الآية في ذلك
وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القَسَم من مكثه عندنا، وكان قلَّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ التي هو يومها، فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت، وفَرِقَت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! يومي لعائشة، فقَبِل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها. قالت: نقول في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا}) قوله: وفَرِقَت: أي: خافت. الألباني: حسن صحيح
وروى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تطلقني، وأمسكني، واجعل يومي لعائشة، ففعل فنزلت: {فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز)([21])
آيات الحجاب
وكانت رضي الله عنها سببا في نزول آية الحجاب
فعن عائشة رضي الله عنها: إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع1 وهو صعيد أفيح ([22]) ، فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أحجب نساءك، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب)) صحيح البخاري
ومن صفاتها أنها كانت خفيفة الظل تضحك رسول الله ﷺ رضي الله عنها
فعن خليسة مولاة حفصة قالت في قصة حفصة وعائشة مع سودة بنت زمعة ومزحهما معها بأن الدجال قد خرج. فاختبأت في بيت كانوا يوقدون فيه واستضحكتا، وجاء رسول الله فقال
«ما شأنكما؟» فأخبرتاه بما كان من أمر سودة، فذهب إليها فقالت: يا رسول الله أخرج الدجال؟
فقال «لا، وكان قد خرج ﷺ من البيت» فخرجت وجعلت تنفض عنها بيض العنكبوت([23])
وما جاء عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حديث مزحها مع السيدة سودة ـ رضي الله عنهما ـ في حضور النبي صلى الله عليه وسلم رواه النسائي في السنن الكبرى، وأبو يعلى في مسنده، وغيرهما:
والخَزِيرَةُ ـ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الزَّايِ، وَفَتْحِ الراء المهملة ـ هو حساء يعمل بلحم
وصلت خلف النبى ﷺ ذات مرة فى تهجده، فثقلت عليها فى الصلاة لطول صلاته، فلما أصبحت قالت له: «صليت خلفك البارحة، فركعت بى حتى أمسكت بأنفى مخافة أن يقطر الدم»، فضحك النبى
وكانت تضحكه الأحيان بالشىء، وكانت لها مشية تتصنعها يضحك منها رسول الله ﷺ
ومن صفاتها رضي الله عنها
كانت امرأة جسيمة ذات خلق([24]) وكانت رضى الله عنها فيها حدة وتسرع ([25])
وصح عن عائشة قالت: ما من الناس أحد أحبّ إليّ أن أكون في مسلاخه (الجلد أي أكون مثله) من سودة، غير إن بها حدّة فيها وكانت تسرع منها الفيئة (أي سريعة الغضب غير أنها سريعة الرجوع)
قال ابن إسحاق قدم بالأسارى حين قدم بهم ، وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عفراء ، في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء ، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب قال : تقول سودة : والله إني لعندهم إذ أتينا ، فقيل : هؤلاء الأسارى ، قد أتي بهم . قالت : فرجعت إلى بيتي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ، وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو(ابن عمها وأخو زوجا) في ناحية الحجرة ، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل قالت : فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت : أي أبا يزيد : أعطيتم بأيديكم ، ألا متم كراما ، فو الله ما أنبهني إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت : يا سودة ، أعلى الله ورسوله تحرضين ؟ قالت : قلت : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق ، ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت([27])
موضع بيتها
وقال هشام بن محمد: كان المسجد جدارًا مجدَّرًا من غير سقف، وله قبلة إلى بيت المقدس، وكان فيه غَرْقَد ونخيل، فأمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقُطِع، وكان فيه قبورُ الجاهلية، فأمر بها رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – فنُبشت، ثم أسس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المسجد، فجعلَ طولَه مما يلي القِبلةَ إلى مؤخره مئة ذراع، وفي الجانبين مثل ذلك، فهو مربع، وجعل عرض أساسه ثلاثة أَذْرُع من حجارة، وبنوا عليها باللَّبِنِ، وجعل له ثلاثة أبواب: بابًا يقال له: باب الرحمة، وهو الذي يُدْعى باب عاتكة، وبابًا يدخل منه رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي يلي دار عثمان – رضي الله عنه -، وبابًا في مؤخره، وجعل ارتفاع الجدار قامةً وبسطةً، وسقفه بجذوع النخل والجريد، وبعضه من النخل الذي كان فيه، فقيل له: ألا تسقفه بخشب السَّاج، فقال: “عَرِيشٌ كعَريشِ مُوسى – عليه السلام – ” ثم بنى إلى جانبه بيوتًا وسقفها بجذوع النخل، فلما فَرَغَ مِن البناء جعل باب عائشة شارعًا في المسجد، وجعل سودة بنت زَمْعة في البيت الذي يليه ([28])
فكانت عائشة رضي الله عنها- في البيت الذي بابه إلى المسجد. وبيت سودة بنت زمعة – رضي الله عنها- في البيت الآخر الذي يليه إلى الباب الذي يلي آل عثمان.
ومن مناقبها رضي الله عنها
شهدت سودة غزوة خيبر مع النبى- صلى الله عليه وسلم وأعطاها – ثمانين وَسْقًا تمرًا، وعشرين وَسْقًا شعيرًا. ويقال: قمح
ولقد لزمت بيتها ولم تخرج منه بعد وفاة رسول الله ﷺ متبعة لأمره صلى الله عليه وسلم
فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنسائه عام حجة الوداع: « هذه ثُمَّ ظهورُ الحُصر»،( أي تكثر الحصر وهو ما يفرش علي الأرض) قال: فكان كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة فكانتا تقولان: لا تحركنا دابةٌ بعد أن سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أحمد
قال صالح: فكانت سودة تقول: لا أحج بعده
وكانت رضي الله عنها كثيرة الصدقة بعثَ عمر بنُ الخطَّاب رضوان الله عليه إلىها غرائر دراهم فأمرَتْ جاريتَها ففرَّقَتْها
([29]) ومعني غرائر جمع غِرارة، وهي وعاء يوضَع فيه القمح ونحوه
وعن عائشة قالت: اجتمع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقلنا يا رسول الله أينا أسرع لحاقا بك قال: «أطولكن يدا» فأخذنا قصبة نذرعها فكانت سودة بنت زمعة بن قيس أطولنا ذراعا قالت: وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت سودة أسرعنا به لحاقا فعرفنا بعد ذلك أنما كان طول يدها الصدقة وكانت امرأة تحب الصدقة([30])
وقيل هذا الحديث في زينب بنت جحش وهي كانت أول نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوقا به وتوفيت في خلافة عمر بن الخطاب وبقيت سودة بنت زمعة فيما حدث به محمد بن عبد الله بن مسلم عن أبيه أن سودة توفيت في شوال سنة أربع وخمسين بالمدينة في خلافة معاوية بن أبي سفيان قال محمد بن عمر: وهذا الثبت عندنا
أولادها :
لم نجد معلومات كافية عن أولادها رضي الله عنها
وقد كان للسيدة سودة عدد كبير من الأولاد رضي الله عنها قيل خمسة أو ستة من الأبناء ربائب للنبي صلى الله عليه وسلم، أبوهم السكران بن عمرو
فقد روى الإمام أحمد في مسنده والطبراني في الكبير عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب امرأة من قومه يقال لها سودة، وكانت مصبية، كان لها خمسة صبية أو ستة من بعل لها مات، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنعك مني قالت: والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحب البرية إلي، ولكني أكرمك أن يضغوا هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة وعشية، قال: فهل منعك مني شيء غير ذلك، قالت: لا والله قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحمك الله: إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغر، وأرعاه على بعل بذات يد. قال الأرناؤوط حسن لغيره،
و ذهب بعض العلماء وقالوا بعدم أولاد لها أصلا ، ومنهم من قال أن لها ولد اسمه عبد الله أو عبد الرحمن
فنجد صاحب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي
المؤلف: عبد الملك بن حسين بن عبد الملك العصامي المكي (المتوفى: سنة 1111هـ
يقول ((وَولدت ابْنا اسْمه عبد الرَّحْمَن قتل فِي حَرْب جَلُولَاء اسْم قَرْيَة من قرى