info@sadah.net
الإثنين, 17 نوفمبر 2025
مؤسسة السادة للفكر والثقافة
  • 🏠الرئيسية
  • 🕋التعريف بالإسلام
    • ☝️عقيدة وتوحيد
    • 🕌التعريف بالنبي ﷺ
    • 🧧التعريف بالقرآن
    • 📃أعلام المسلمين
  • 📋مقالات وملفات
    • ☪ علوم شرعية
    • 🧠فكر وثقافة
    • 📅التاريخ الاسلامي
    • ✊قضايا الأمة
    • 👩‍👧‍👦المرأة والأسرة
    • 🔃شبهات وردود
  • 💼مكتبة السادة الثقافية
    • 📚مكتبة الكتب
    • 🧑‍🎓رسائل علمية
    • قسم التاريخ
    • قسم التفسير
    • قسم عقيدة
    • قسم السيرة النبوية
    • قسم الفقه الاسلامي
    • قسم الحديث
    • قسم اللغة العربية
    • قسم الروايات
    • قسم الأدب
  • 🎙محاضرات
    • 📽 دروس مرئية
      • د محمد عمارة
      • الشيخ سعيد الكملي
      • الشيخ الشعراوي
      • الشيخ بن عثيمين
      • الشيخ محمد إسماعيل المقدم
      • د. راغب السرجاني
      • د. محمد العريفي
      • الشيخ محمد حسان
    • 📺مقاطع قصيرة
    • 🎧دروس صوتية
      • خطب ودروس
      • قرآن كريم
  • ⚙ جهود المؤسسة
    • ⏳من نحن
    • 📊أخبارنا
    • 📚كتبنا
    • 🎥فيديوهاتنا
    • 🔊صوتياتنا
    • 🖼 تصميماتنا
موقع مؤسسة السادة
No Result
View All Result

مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد لكل فضيلة

محمود أبو نور الدين

مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد لكل فضيلة
Share on FacebookShare on Twitter

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي البعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

وبعد

فلقد رأت السيدةُ خديجة في منامها أن شمساً سقطت في دارها فأضاءت ما حولها، فذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بشرها بأنها النبوة ستشرق من بيت فتضيءُ العالمَ كلَهُ.

 يقول المؤرخ الإنجليزي “هربرت جورج ويلز”: “لم يشهد العالم فى تاريخه فترة أظلم ولا أسوأ ولا أكثر يأسًا فى المستقبل من القرن السادس الميلادى، فقد أصاب العالم فى تلك الفترة الشلل الكامل، و كانت أوروبا أشبه برجل ضخم مات و تعفنت جثته، وكان ذلك حتى ظهر محمد نبى المسلمين“

حال البشرية قبل مولده وبعثته صلى الله عليه وسلم

كانت البشرية قبل مولده وبعثته صلى الله عليه وسلم

 في أسوأ حالاتها, فكان العرب يعبدون الأصنام ، ويعظمونها وكانوا يصنعونها ، من التمر ، أو الطين ، ،ولقد بلغ عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنماً.

وفي بلاد الفرس كان المجوس يعبدون النار , وكان زرادشت في بلاد فارس، الذي يعتبر من كبار الفلاسفة , هو الذي دعا إلى تقديس النار، وكان يقول : إن نور الله عز وجل يسطع في كل ما هو مشرق وملتهب، وقد حرم الأعمال التي تحتاج النار، واكتفت الناس بالزراعة والتجارة.

وكان ملوك  فارس تعبدهم الناس من دون الله تعالى، وكانوا يعتقدون أن دم كسرى دماً إلهياً، و كان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجداً على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له، وأقرب الطبقات إلى كسرى هم طبقة الكهان والأمراء والوزراء كانوا يقفون على بعد (5) أمتار، ومن أدنى منهم درجة على بعد (10) أمتار، والرسل كانوا يقفون على مسافة (15) متراً من كسرى ، من أراد أن يدخل على كسرى يضع على فمه قطعة من القماش الأبيض الرقيق، حتى لا تلوث أنفاسه أنفاس كسرى .

وكان كسرى يتزوج من أرد بدون مانع لمحارم ولا غيره  ولقد تزوج  يزدجرد الثاني

كسرى فارس من ابنته ثم قتلها.

وفي بلاد الروم كانوا يعبدون الأحبار والرهبان ولقد

كانت لديهم طقوس عجيبة غريبة منكرة

يروي ابن فضلان الرحالة المسلم في القرن الرابع الهجري ما شاهده بنفسه من موت أحد السادة في أوروبا، فجاءوا بجارية له كي تموت معه، فشربت الخمر ورقصت وقامت بطقوس معينة، ثم قيدوها بالحبال من رقبتها، ثم أقبلت امرأة عجوز يسمونها ملك الموت وبيدها خنجر كبير، ثم أخذت تطعنها في صدرها بين الضلوع في أكثر من موضع، والرجال يخنقونها بالحبل حتى ماتت، ثم أحرقوها ووضعوها مع سيدها الميت،

قال تعالى واصفاً هؤلاء : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) يونس/ 18 .

وجاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه، فإنه عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وضح حال الأرض قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، فقال: (إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب)

ولقد وصل حال العالم إلى حالة من التردي والضياع الشديد، إلى الدرجة أن الله تعالى مقتهم وغضب عليهم والمقت هو شدة الكراهية، وكلمة (بقايا) يعني عدد قليل  وكان كل رجل في مدينة أخرى يبتعد عنه مئات أو آلاف الأميال، وهكذا.

وكانوا في الجاهلية يغزوا بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، لأتفه الأسباب ، ، فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال .

ومن ذلك : ” حرب البسوس ” التي دامت ثلاثين سنة ، بسبب أن ناقة وطئت بيضة

” قبَّرة ” – نوع من أنواع الطيور – فكسرتها ، فقتل رجل يسمي كليب هذه الناقة

وكانت حرب البسوس بين قبيلة تغلب بن وائل وأحلافها ضد بني شيبان وأحلافها من قبيلة بكر بن وائل بعد أن ، ويذكر المكثرون من رواة العرب أن هذه الحرب استمرت أربعين عاما من سنة 494م، ويذكر المقللون أنها استمرت بضعة وعشرين سنة

ومنها : ” حرب داحس والغبراء ” ، وقد دامت أربعين سنة ، بسبب أن فرساً غلبت أخرى في السباق .

 وكانوا في الجاهلة يأكلون الميتة ، ويشربون الدم وكان بعض

القبائل  يطوفون بالكعبة عراة نساء ورجالاً ،

إن لم يمن عليهم أهل مكة, بثياب من عندهم ، ويعتقدون أن ثياباً عصي الله

فيها لا تصلح أن يطاف بها ، وتقول قائلتهم

عن عورتها المغلظة:

اليوم يبدو كله أو بعضه وما بدا منه فلا أحلُّه !
ولقد كان الزنا منتشراً جدا وكان الفساد الأخلاقي والاجتماعي، قد انتشر فيهم وانتشر أيضا ، شرب الخمر والميسر، و الرِّبَا بشكل كبير

ويصف سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أحوال الناس في مكة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فيقول للنجاشي ملك الحبشة: “أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصِلة الرَحِم، وحُسن الجوار”.

ويقول أيضا المغيرة بن شعبة رضي الله عنه بين يدي “يَزْدَجْرِد” ملك الفرس الذي قال للمغيرة في معركة القادسية ـ كما ذكر ذلك ابن كثير في “البداية والنهاية”: “إني لا أعلم في الارض أمة كانت أشقى ولا أقل عددا ولا أسوأ ذات بين منكم، قد كنا نوكِل بكم قرى الضواحي ليكفوناكم، لا تغزوكم فارس ولا تطمعون أن تقوموا لهم. فإن كان عددكم كُثر فلا يغرنكم منا، وإن كان الجَهد (الفقر) دعاكم فرضنا لكم قوتا إلى خصبكم، وأكرمنا وجوهكم، وكسوناك وملَّكْنا                                                                                   عليكم ملكا يرفق بكم.

 فأسكت القوم فقام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال: أيها الملك، إن هؤلاء

 رؤوس العرب ووجوههم، وهم أشراف يستحيون من الأشراف، وإنما يكرم الاشرافَ

الأشرافُ، ويعظم حقوق الاشرافِ الأشراف، وليس كل ما أرسلوا له جمعوه لك، ولا كل ما تكلمتَ به أجابوك عليه، وقد أحسنوا ولا يحسن بمثلهم إلا ذلك، فجاوبني فأكون أنا الذي أبلغك ويشهدون على ذلك. إنك قد وصفتنا صفة لم تكن بها عالما، فأما ما ذكرتَ مِن سوء الحال فما كان أسوأ حالا منا، وأما جوعنا فلم يكن يشبه الجوع، كنا نأكل الخنافس والجُعلان والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا، وأما المنازل فإنما هي ظهر الارض، ولا نلبس إلا ما غزلنا من أوبار الابل وأشعار الغنم.. ديننا أن يقتل بعضنا بعضا، وأن يبغي بعضنا على بعض، وإن كان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية كراهية أن تأكل من طعامه، وكانت حالنا قبل اليوم على ما ذكرتُ لك، فبعث الله إلينا رجلاً معروفاً ((محمداً صلى الله عليه وسلم) نعرف نسَبَه ونعرف وجهه ومولده، فأرضه خير أرضنا، وحسبه خير أحسابنا، وبيته خير بيوتنا، وقبيلته خير قبائلنا، وهو نفسه كان خيرنا في الحال التي كان فيها أصدقنا وأحلمنا”.

ويقول جوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) يصف وضع أوروبا: لم يجدوا في أوروبا بعض الميل للعلم إلا في القرن الحادي عشر والثاني عشر من الميلاد. الموافق للقرن الرابع والخامس الهجري.

و يقول المؤرخ الأندلسي أبو القاسم صاعد بن أحمد الأندلسي القرطبي

صاحب كتاب (طبقات الأمم)

 وهو ، يحكي حال البلاد الأوربية كانوا قوماً أشبه بالبهائم، وقد يكون ذلك من إفراط بعد الشمس عن رءوسهم فصارت بذلك أمزجتهم باردة، وأخلاقهم فجة رديئة، وقد انسدلت شعورهم على وجوههم، وعدموا دقة الأفهام، وغلب عليهم الجهل والبلادة، وفشت فيهم الغباوة.

ويقول الرحالة الأندلسي إبراهيم الطرطوش يصف أهل جليقية الذين كانوا يعيشون في شمال إسبانيا، قال: هم أهل غدر ودناءة أخلاق، لا يتنظفون ولا يغتسلون في العام إلا مرة أو مرتين بالماء البارد، لا يغسلون ثيابهم منذ يلبسونها إلى أن تتقطع عليهم، ويزعمون أن الوسخ الذي يعلوهم من عرقهم تصح به أبدانهم.

حال المرأة قبل البعثة النبوية:

لم تحترم البشرية المرأة في الجاهليّة، بل  كانوا يعاملوها كما يعاملون الدواب فلا                   ميراث لها ولا كرامة، وقد تعرضت المرأة لأبشع صنوف الإهانة والتحقير, وكانوا               يجبرونها على الزواج بمن تكره، أو يمنعونها من الزواج، وإذا مات الرجل منهم كان أولياؤه أحقّ (بزوجته) من أهلها، إن أراد أحد منهم أن يتزوجها تزوجها، أو يزوجها لمن أحب  وهذا ما جاء  في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً}(النساء:19).

قال ابن كثير: “قال ابن عباس: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك”.

وفي رواية: “إن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها”.

وكانت المرأة إذا مات عنها زوجها أهملت نفسها ومرّغت نفسها بالتّراب. قالت زينب بنت أبي سلمة: “كانت المرأة إذا تُوُفِّىَ عنها زَوْجُهَا دخلتْ حِفْشاً (بيتا صغيرا)، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثيابها، ولم تمَسَّ طِيباً حتى تمر بها سنة، ثم تُؤْتَى بِدَابَّةٍ ـ حِمَار أَوْ شَاة أو طَائر ـ فتفْتضُّ بِه (تمسح به جلدها)، فَقَلَّما تَفْتَضُّ بِشَىْء إِلاَّ مات، ثمَّ تخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً (روثة من الحيوان) فترْمِى” رواه البخاري.

ومن بشاعة ما كان في الجاهلية وأْد البنات:

وهو دفنهن أحياء، خوفا من العار قال الله تعالى ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾(النحل: 59:58)،

 وقال تعالى:﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ التكوير:9:8

ولقد  حرَّم الإسلام هذه الجريمة البشعة : فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات، وَمَنْعاً وهات، ووَأد البنات، وكَرِهَ لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) رواه البخاري)

. وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ وُلِدَتْ له ابنةٌ فلم يئِدْها ولم يُهنْها، ولم يُؤثرْ ولَده عليها ـ يعني الذكَرَ ـ أدخلَه اللهُ بها الجنة) رواه أحمد

و عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(مَنْ عال أي قام بتربية) جاريتين)

بنتين) حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه) رواه مسلم.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَوات، أو ابنتان أو أُختان، فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ َفلهُ الجنَّةَ) رواه الترمذي.

و عن أبي هريرة t قال رسول الله r ( من كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا).([1])

فكانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ومولده رحمة للدينا

 قال الله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾الجمعة:2).

قال السعدي

: “امتن الله تعالى عليهم منَّةً عظيمة، أعظم مِن مِنته على غيرهم، لأنهم عادمون للعلم والخير، وكانوا في ضلال مبين، يتعبّدون للأشجار والأصنام والأحجار، ويتخلّقون بأخلاق السباع الضارية، يأكل قويهم ضعيفهم، وقد كانوا في غاية الجهل بعلوم الأنبياء، فبعث الله رسولا منهم، يعرفون نسبه وأوصافه الجميلة وصدقه، وأنزل عليه كتابه”

. وقال الله تعالى  ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾الأنبياء:107)..

قال ابن كثير: “يخبر تعالى أن الله جَعَل محمدًا – صلى الله عليه وسلم – رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلَّهم، فمن قَبِل هذه الرحمةَ وشكَر هذه النعمةَ، سَعد في الدنيا والآخرة، ومن رَدَّها وجَحَدَها خَسِر في الدنيا والآخرة”.

وقال الشنقيطيّ: “ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه ما أرسل هذا النَّبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه إلى الخلائق إلا رحمة لهم، لأنه جاءهم بما يُسعدهم، وينالون به كل خيرٍ مِن خير الدنيا والآخرة إنِ اتبعوه، ومَنْ خالف ولم يتبع فهو الذي ضيَّع على نفسه نصيبه من تلك الرحمة العظمى”.

مولد النبي ﷺ مولد لكل فضيلة

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: “ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه “، وقال عمه العباس عن مولده صلى الله عليه وسلم:

وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ

فَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ فِي الضِّيَاءِ وسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ

ومن المعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم وُلِدَ في يوم الاثنين من ربيع الأول، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل عن صوم يوم الاثنين، فقال:فيه وُلدتُ، وفيه أُنزِلَ عليَّ) رواه مسلم)،

 ولا خلاف في كون مولده صلّى الله عليه وسلّم يوم الاثنين بمكة المكرّمة عام الفيل، فعن قيس بن مخرمة رضي الله عنه قال: (وُلِدْتُ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل) رواه البيهقي، وأكثر أهل السِيَّر على أنه صلوات الله وسلامه عليه وُلِدَ يوم الثاني عشر من ربيع الأول بعد حادثة الفيل بخمسين يوماً، قال ابن عبد البَرِّ: “وُلِدَ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قُدومِ الفِيلِ بشهر، وقيل بِأَرْبَعِين يَوْماً، وقيل بِخَمْسِين يوماً”.

يقول صاحب الرحيق المختوم (صفي الرحمن المباركفوري)عن المولد الشريف:

ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل، ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان،

 ويوافق ذلك العشرين أو الثاني وعشرين من شهر أبريل سنة 571 م حسبما حققه العالم الكبير محمد سليمان المنصور فوري والمحقق الفلكي محمود باشا

وروى ابن سعد أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: لما ولدته خرج مني نور أضاءت له قصور الشام، وروى أحمد عن العرباض بن سارية ما يقارب ذلك

وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، روى ذلك البيهقي

حادثة عام الفيل:

هذه الحادثة مشهورة وثابتة بالكتاب والسنة،

والتي حاول فيها أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، وقد ذكر سبحانه هذه الحادثة في كتابه الكريم،

 فقال﴿{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (الفيل:1-5)،

قال ابن كثير: “هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود، فأبادهم الله، وأرغم آنافهم، وخيب سعيهم، وأضل عملهم، وردهم بشرِّ خيبة، وكانوا قوماً نصارى، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالاً مما كان عليه قريش من عبادة الأصنام، ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه في ذلك العام وُلِدَ على أشهر الأقوال”.

وقال ابن تيمية: “وكان جيران البيت مشركين يعبدون الأوثان، ودين النصارى خير من دينهم، فعُلِم بذلك أن هذه الآية لم تكن لأجل جيران البيت حينئذ، بل كانت لأجل البيت، أو لأجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الذي وُلِدَ في ذلك العام عند البيت، أو لمجموعهما، وأيّ ذلك كان، فهو من دلائل نبوته”.

نور يخرج من بطن  أمِّه ﷺ

عن لقمان بن عامر قال سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَة يقول قُلْتُ يَا نَبِيَّ الله ما كان أَوَّلُ بَدْءِ أَمْرِك؟ قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأتْ أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام) رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.(

قال ابن كثير: “قوله: ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام) قيل: كان مناماً رأته حين حملت به، وقَصَّته على قومها، فشاع فيهم، واشتهر بينهم، وكان ذلك توطئة”.

وقال ابن رجب: “خروج هذا النور عند وضعه؛ إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض، وأزال به ظلمة الشرك منها،

كما قال تعالى: {﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ﴾المائدة:15-16)، وقال تعالى: {﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(الأعراف:157:

 

ظهور نجم أحمد في السماء:

وهو هو نجم لامع في السماء، له خصائص تختلف عن غيره من النجوم، وقد عرف به اليهود أن أحمد خاتم الأنبياء قد وُلِدَ، روى ابن إسحاق عن حسان بن ثابت رضي الله عنه قال: “والله، إني لغلام يفعةٌ (شبَّ ولم يبلغ)، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كلَّ ما سمعت، إذ سمعت يهوديًّا يصرخ بأعلى صوته على أطمةً (حصن) بيثرب: يا معشر يهود! حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له: ويلك ما لك؟، قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي وُلِدَ به” رواه البيهقي وصححه الألباني. وروى أبو نعيم وحسنه الألباني عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال زيد بن عمرو بن نفيل، قال لي حَبْرٌ من أحبار الشام: “قد خرج في بلدك نبي، أو هو خارج، قد خرج نجمه، فارجع فصدقه واتبعه”.

بمولده ﷺ مولد للرحمة والرفق:

قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159).

وقال تعالى: {ن والقَلَمِ وَما يَسْطُرُون * ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُون * وَإِنَّكَ لَعلى خُلُقٍ عَظِيم} (القلم:1 – 4).

وقال تعالى: “لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِين رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ” (التوبة: 128).

وقال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء: 107).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله أدع على المشركين، قال: “إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة”. رواه مسلم

وعن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

 فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة، فقال: (أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يُقيم به الملة والعوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا). رواه البخاري

وكان ﷺ، إذا أتاه السائل، أو صاحب الحاجة قال: (اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء) رواه البخاري

بمولده ﷺ مولد لحسن الخلق:

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما بعثت على تمام محاسن الأخلاق) (أخرجه ابن عبد البر في التمهيد 4711.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ، من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله! لا أذهب وفي نفسي، أن أذهب لما أمرني به. قال: فخرجت حتى مر على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله ﷺ قابض بقفاي من ورائي فنظرت إليه وهو يضحك فقال: يا أنيس اذهب حيث أمرتك. قلت: نعم! أنا أذهب يا رسول الله. صحيح الترمذي

ويقول أنس: “والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال

لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا، أو لشيء تركته:

هلا فعلت كذا وكذا” رواه مسلم وفي رواية لأحمد: “ما قال لي فيها أف”.

وعن أبي أُمَامَة الباهِليِّ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِراءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقّاً، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ” حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح.

وكان النبي ﷺ يقول: “اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت” رواه مسلم.

بمولده ﷺ مولد للتواضع وخفض الجناح:

كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرقّع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع العبد، ويجلس على الأرض، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجته من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو،

روى البخاري في صحيحه من حديث الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي ﷺ يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة. رواه البخاري.

 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن كانت الأمة

لتأخذ بيد رسول الله ﷺ، فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما كان شخصٌ أحبُّ إليهم من رسولِ الله ﷺ وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك. رواه أحمد والترمذي والبخاري في الأدبِ المفردِ بأسانيدَ صحيحة.

 وقال رسول الله ﷺ للصحابة عند موته: “لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم؛ فإنما أنا عبد الله ورسوله” رواه البخاري.

وكان النبي ﷺ يدعى إلى خبز الشعير “والإهالة السنخة”. رواه أحمد وصححه الألباني ( الإهالة: الدَّسَم الجامد، والسَّنِخة المتغيرة الريح).

وكان النبي ﷺ يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم. رواه النسائي وصححه الألباني.

وكان النبي ﷺ يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم. رواه الحاكم وصححه الألباني.

يقول رسول الله ﷺ: “إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحدٍ ولا يبغي أحد على أحد” أخرجه مسلم.

عن أنس رضي الله عنه قال: “كانت ناقة رسول الله ﷺ لا تُسبَق أو لا تكاد تُسبَق، فجاء أعرابي على قعود له (أي جمل) فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال الرسول ﷺ: “حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه” رواه البخاري.

بمولده ﷺ مولد الصبر وتحمل الأذى والعفو:

قال الله تعالى: “وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ”.

عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كأني أنظر إلى رسول الله ﷺ يحكي نبيًّا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. متفق عليه

وعن أبي سعيد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنهما أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله ﷺ فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده ما يكن من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطى أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر. متفق عليه

 بمولده ﷺ مولد المعاملة الحسنة:

عن أنس رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله ﷺ إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد وأصحاب الرسول ﷺ يصيحون به: مه مه (أي اترك)، فقال رسول الله ﷺ: “لا تزرفوه دعوه” (لا تقطعوا بوله)، فترك الصحابة الأعرابي يقضي بوله، ثم دعا الرسول عليه الصلاة والسلام الأعرابي فقال رسول الله ﷺ للأعرابي: “إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن”. وقال رسول الله ﷺ لأصحابه: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين

صبوا عليه دلوا من الماء. فقال الأعرابي:

 اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدًا. فقال الرسول ﷺ:

“لقد تحجرت واسعًا، أي ضيقت واسعًا” متفق عليه.

وفي قصة معاوية بن الحكم وقد عطس أمامه رجل في صلاته فشمته معاوية وهو يصلي فقال: فحدقني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إليّ؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتونني سكت.

فلما انصرف رسول الله دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه. رواه النسائي وأبو داود.

وعن عائشة قالت: استأذن رهط من اليهود على رسول الله ﷺ فقالوا: السام عليكم! قالت عائشة: فقلت: بل عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله ﷺ: يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله. قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم. متفق عليه.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلـم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره،

قال: “بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا”. متفق عليه.

وعن أَبي قَتادَةَ الْحارِثِ بنِ ربْعي رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “إِنِّي لأَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ، وَأُرِيدُ أَنْ أُطَوِّل فِيها، فَأَسْمعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجوَّز فِي صلاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ” رواه البخاري

 

 

بمولده ﷺ مولد للشجاعة والإقدام:

كان النبي ﷺ أشجع الناس، ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر.

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -وهو من أبطال الأمة وشجعانها- قال: (إنا كنا إذا اشتد بنا البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله ﷺ، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله ﷺ وهو أقربنا إلى العدو) رواه أحمد والطبراني والنسائي.

وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا. رواه البخاري ومسلم.

وجاء رجل إلى البراء بن عازب، فقال: أكتم وليتم يوم حنين، يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبي الله ﷺ ما ولى، ولكنه انطلق أخفاء من الناس، وحسر إلى هذا الحي من هوازن، وهم قوم رماة، فرموهم برشق من نبل، كأنها رجل من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله ﷺ وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته، فنزل ودعا واستنصر، وهو يقول: (أنا النبي لا أكذب، أنا ابن عبد المطلب، اللهم أنزل نصرك).

عن ابْنِ عَبَّاس رضي اللَّه عنهما أيضًا قال: “حسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الْوكِيلُ قَالَهَا إبْراهِيمُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حينَ أُلْقِى في النَّارِ، وَقالهَا مُحمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حيِنَ قَالُوا: “إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيماناً وقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوكِيلُ” رواه البخاري.

 

 

بمولده ﷺ مولد للرفق بالحيوان:

عن سهيل بن الحنظلية قال: مرّ رسول الله ﷺ ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: “اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة”. “المعجمة: التي لا تنطق”. رواه أبو داود بإسناد صحيح.

وعن عبد الله، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرة (طائر يشبه العصفور) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تُعرش، فلما جاء رسول الله ﷺ، قال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها. أبو داود.

وقال ﷺ: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته”. رواه مسلم.

و رأى النبي -صلى اللّه عليه وسلم- رجلاً أضجع شاة، وهو يحد شفرته، فقال: “‏لقد أردت أن تميتها موتات، هلا حددتها قبل أن تضجعها‏؟!”‏ حديث صحيح على شرط البخاري.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا إن رسول الله صلى الله علية وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا. متفق عليه.

 بمولده ﷺ مولد للجود والكرم:

كان رسول الله ﷺ أجود الناس بالخير،

وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، حتى ينسلخ، فيأتيه جبريل،

 فيعرض عليه القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة. رواه البخاري ومسلم.

وعن أنس: أن رجلاً سأل النبي ﷺ غنمًا بين جبلين فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أي قوم أسلموا فو الله إن محمدًا ليُعطي عطاء ما يخاف الفقر، فقال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يُسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها. رواه مسلم.

بمولده ﷺ مولد للزهد وترك الدنيا :

ثبت في الصَّحيحين من حديث ابن عبَّاس عن عمر بن الخطاب في حديث إيلاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أزواجه، أن لا يدخل عليهنَّ شهراً، واعتزل عنهنَّ في علية، فلما دخل عليه عمر في تلك العلية فإذا ليس فيها سوى صبرة من قرظ، وأهبة معلقة، وصبرة من شعير، وإذا هو مضطجع على رمال حصير، قد أثَّر في جنبه، فهملت عينا عمر فقال:‏ ما لك‏؟‏‏‏‏ فقلت:‏ يا رسول الله أنت صفوة الله من خلقه، وكسرى وقيصر فيما هما فيه.‏ فجلس محمراً وجهه فقال: أوفي شكٍ أنت يا ابن الخطاب‏؟‏‏ ‏ ثم قال: أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدُّنيا. ‏وفي رواية لمسلم: أما ترضى أن تكون لهم الدُّنيا ولنا الآخرة فقلت:‏ بلى يا رسول الله.‏ قال:‏ ‏ ‏فاحمد الله عز وجل.‏

قال رسول الله ﷺ: “اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا”

(أي ما يسدُّ الجوع) متفق عليه.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد رأيت رسول الله ﷺ، يتلوى من الجوع،

ما يجد ما يملأ من الدقل بطنه. (الدقل: رديء التمر) رواه مسلم.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل رسول الله ﷺ من خبز بُرٍّ. أخرجه البخاري ومسلم.

بمولده ﷺ مولد لخشوع القلب ورقته :

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله ﷺ اقرأ عليّ القرآن فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل. قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذا الآية (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا). قال: حسبك الآن، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. رواه البخاري ومسلم.

بمولده ﷺ مولد لكرامة المرأة ونيل حقوقها :

فأنصف المرأة، وأكرمها واحترامها , منذ مولدها و نشأتها الي أن تصير فتاة يافعة وأما حنونة، وزوجة مشفقة؛ فحرم الإسلام وأدها وأمر بالإحسان إليها ووصى بها:

الذمة المالية للمرأة في الإسلام

 جعل الإسلام للمرأة ذمة مالة مستقلة. فالمرأة الرشيدة في شريعة الإسلام لها حق التملك وحق التعامل والتصرف في مالها كله أو بعضه بكافة صور وأساليب الكسب المباح والوسائل المشروعة؛ من استثمار، وتجارة، وإنفاق، وبيع وشراء، وإجارة، ومضاربة، ومزارعة، وتبرع، وهبة، ووصية، وتصدق، وإقراض، وتنازل، وإعارة، ورهن.. ولها أن تُبرم العقود المالية والتجارية بنفسها دون وسيط، وأن تُوكل عنها في مالها، وأن تَضمن غيرها، وأن تخاصم الغير في حقوقها المالية أمام القضاء.. إلى غير ذلك من صور المعاملات المالية والاقتصادية؛ كل ذلك من غير سلطان أو إذن أو إشراف من وليها أو زوجها دون إرادتها. قال صاحب الظلال عند تفسيره :

قال تعالى: ]لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا[(النساء: ٧)

والعجيب كل العجب من بعض الغوغاء الذين يلقون بالشبهات هنا وهناك، ويتهمون الإسلام أنه ظلم المرأة وحرمها من الميراث أو قلل من نصيبها ،وفضل الرجال عليها.

 

 

 

 

 

ميراث المرأة قبل مولد الرسول ﷺ:

أولا: ميراث المرأة عند اليهود:

نجد نظام الميراث عند اليهود يحرم الإناث من الميراث، سواء كانت أما أو أختا أو ابنة أو غير ذلك إلا عند فقد الذكور، فلا ترث البنت مثلا إلا في حال انعدام الابن.

فيه تكلم نبي إسرائيل قائلا: أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته. سفر العدد إصحاح 27: 1 – 11  أما الزوجة فلا ترث من زوجها شيئا مطلقا.

فاليهود بطبعهم يعيشون متماسكين متكتلين فيما بينهم يحرصون على جمع المال واكتنازه بشتى الوسائل التي تمكنهم من ذلك، ومن أجل هذا كان من البدهي أن يحرصوا كل الحرص على عدم ذهاب شيء من مال الميت إلى غير أسرته، حتى تحتفظ الأسرة فيما بينها بأموالها التي تعبت في جمعها، وتعتز بها بوصفها وسيلة للسيطرة والظهور في المجتمعات، لذلك هم لا يورثون المرأة سواء كانت بنتاً، أو أما، أو زوجة، أو أختاً، ما دام يوجد لهذا الميت إبن، أو أب، أو قريب ذكر كالأخ والعم، فالذكر يقدم دائماً على الأنثى وللشخص الحرية الكاملة في ماله يتصرف به كيف يشاء بطريقة الهبة أو الوصية فله أن يحرم جميع أقاربه دون أي قيد على هذه الحرية وله أن يوصي بجميع ماله لأي شخص وإن كان أجنبياً.([2])

ميراث المرأة عند الرومان:

إن المرأة عند الرومان كانت تساوي الرجل فيما تأخذه من التركة مهما كانت درجتها، أما الزوجة، فلم تكن ترث من زوجها المتوفى، فالزوجية عندهم لم تكن سبباً من أسباب الإرث، حتى لا ينتقل الميراث إلى أسرة أخرى، ([3])

 الميراث عند الأمم الشرقية القديمة:

ونعني بهم الطورانيين والكلدانيين والسريانيين والفنيقيين والسوريين والأشوريين واليونانيين وغيرهم ممن سكن الشرق بعد الطوفان الذي كانت أحداثه جارية قبل ميلاد المسيح عليه السلام فقد كان الميراث عندهم يقوم على إحلال الابن الأكبر محل أبيه، فإن لم يكن موجودا

فأرشد الذكور، ثم الأخوة ثم الأعمام …. وهكذا إلى أن يدخل الأصهار وسائر العشيرة وتميز نظام الميراث عندهم فضلا عما ذكرنا بحرمان النساء والأطفال من الميراث.([4])

 الميراث عند قدماء المصريين:

أما المصريون القدماء، فقد بينت الآثار المصرية، أن نظام الميراث عندهم كان يجمع بين كل قرابة الميت من آباء وأمهات، وأبناء وبنات، وأخوة وأخوات، وأعمام، وأخوال وخالات، وزوجة، فكلهم يتقاسمون التركة بالتساوي لا فرق بين كبير وصغير ولا بين ذكر وأنثى.([5])

شهادة غير المسلمين:

ولقد شهد بهذا أيضا مُفكِّرون غَرْبِيُّون حيث أنهم أنْصَفوا نِظامَ الميراثِ في الإسلام: فَوَصَفوه بأنَّ فيه من العدل والإنصاف للمرأة، ما لا يوجد مثله في القوانين الغربيَّة، ومن هؤلاء:

أ- «أني بيزنت» في كتابها «الأديان المنتشرة في الهند» حيث قالت: (ما أكبر خطأ العالَم في تقدير نظريات النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فيما يتعلَّق بالنِّساء…

ولا تقف تعاليم النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عند حدود العموميَّات، فقد وضَعَ قانوناً لوراثة النِّساء، وهو قانون أكثر عدلاً وأوسع حريَّة – من ناحية الاستقلال الذي يمنحها إيَّاه – من القانون المسيحي الإنجليزي، الذي كان معمولاً به إلى ما قبل نحو عشرين سنة، فما وضعه الإسلام للمرأة يُعتبر قانوناً نموذجيّاً، فقد تكفَّل بحمايتهنَّ في كلِّ ما يملكنه، وضَمِن لهنَّ عدم العدوان على أيَّة حصَّة ممَّا يرثنه عن أقاربهنَّ وإخوانهنَّ وأزواجهن)

ويقول  «غوستاف لوبون»: في كتابه «حضارة العرب»: (ومبادئ المواريث التي نصَّ عليها القرآن على جانب عظيم من العدل والإنصاف، ويمكن القارئ أن يُدرك ذلك من الآيات التي أنقلها منه، وأن أُشير فيه بدرجة الكفاية إلى أحكامها العامَّة، ويظهر من مقابلتي بينها وبين الحقوق الفرنسيَّة والإنجليزيَّة أن الشَّريعة الإسلاميَّة منحت الزَّوجات، اللاَّتي يزعمن أنَّ المسلمين لا يُعاشروهنَّ بالمعروف، حقوقاً من المواريث لا نجد مثلها في قوانيننا)([6])

فلتعي المرأة المسلمة هذا الأمر جيد ولتشكر ، الله على جميل فضله عليها ولا تنساق وراء شبهات أعداء الدين من حركات نسوية وأفكار هدامة..

بمولده ﷺ مولد لكرامة الإنسان  :

قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70)].

ومن صُوَرِ حِفْظِ كرامة الإنسان في الإسلام: َهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه رضي الله عنهم عن إهانة الإنسان، وخَدْشِ كرامتِه؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، قَالَ: «اضْرِبُوهُ»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ! قَالَ: «لاَ تَقُولُوا هَكَذَا، لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ» رواه البخاري.

ونَهَى الرجلَ عن تقبيح زوجته بالكلام، وعن ضَرْبِ وَجْهِهَا؛ عن مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلاَ تُقَبِّحْ، وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ» حسن صحيح – رواه أبو داود. ومعنى: «لاَ تُقَبِّحْ»:

 أي: لا تُسْمِعْها المَكْروهَ، ولا تَشْتُمْها، ولا تَقُلْ: قَبَّحَكِ اللهُ، ونحو ذلك.

وعن أبي مسعود البَدْري رضي الله عنه قال: كنت أضرب غُلاما لي بالسَّوْط، فسمعت صوتا من خَلفِي: «اعلم أبَا مسعود» فلم أفْهَم الصَّوت من الغَضَب، فلمَّا دَنَا مِنِّي إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: «اعلم أبَا مسعود أن الله أقْدَرُ عليك مِنْك على هذا الغُلام». فقلت: لا أَضرب مملوكا بعده أبدًا. وفي رواية: فسقط السَّوط من يَدي من هَيْبَتِه. وفي رواية: فقلت: يا رسول الله، هو حُرٌّ لوجه الله تعالى، فقال: «أمَا لو لم تفعل، لَلَفَحَتْكَ النَّار، أو لَمَسَّتْكَ النَّار».  [صحيح] – [رواه مسلم)

بمولده ﷺ مولد لرفع الظلم ورد الحقوق  :

قَالَ الله تَعَالَى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18]،

وقال تعالى: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [الحج:71
وعن جابرٍ : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ:  اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حملَهُمْ عَلَى أَنْ سفَكوا دِماءَهُمْ، واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ رواه مسلم.
وعن أَبِي هريرة : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقيامَةِ حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الْجَلْحَاء مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاء رواه مسلم.

بمولده ﷺ مولد للرفق بالحيوان  :

نهي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن اتخاذ شيء فيه الروح غرضا يُتعلم فيه الرمي ..

فعن سعيد بن جبير ـ رضي الله عنه ـ قال : ( مَرَّ عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم ، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر : من فعل هذا؟، لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا )( مسلم ).

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : أنه دخل على يحيى بن سعيد وغلام من بني يحيى رابط دجاجة يرميها ، فمشى إليها ابن عمر حتى حلها، ثم أقبل بها وبالغلام معه، فقال : ازجروا غلامكم عن أن يصبر هذا الطير للقتل، فإني سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل )( البخاري ) . والتصبير : أن يحبس ويرمى .

ومن رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه نهى أن يحول أحد بين حيوان أو طير وبين ولده .

فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرَة (طائر صغير) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تُعَرِّشُ(ترفرف بجناحيها)، فجاء النبي – صلى الله عليه وسلم ـ فقال : ( من فجع هذه بولدها؟، ردوا ولدها إليها )( أبو داود ).

ومن رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحيوان نهيه عن المُثْلة بالحيوان،

وهو قطع قطعة من أطرافه وهو حي، ولعَن من فعل ذلك ..

فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : ( أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لعن من مَثَّل بالحيوان )( البخاري ).

وعن جابر – رضي الله عنه – : ( أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مر عليه حمار قد وُسِمَ(كوي) في وجهه، فقال : لعن الله الذي وسمه )( مسلم ) .

ومن صور رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحيوان ـ، أن بين لنا أن الإحسان إلى البهيمة من موجبات المغفرة ..

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا، فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى(التراب) من العطش، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له .. قالوا : يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا ؟، فقال : في كل ذات كبد رطبة أجر )( البخاري ).

التعريف بالنبي ﷺ وأهل بيته الكرام رضي الله عنهم:

النبي ﷺ هو:

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطّلبِ بن هاشم بن عبد مناف بن قُصَي بن كلاب بن مرّة بن كعبٍ بن لُؤَي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدٍّ بن عدنان،

يكنى بأبي القاسم ﷺ :

ومن أسمائه أيضًا أحمد: قال تعالى علي لسان سيدنا عيسى بن مريم: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾[الصف: 6]،

وكذلك من أسمائه: أيضًا الماحي، والحاشر، والعاقب، ففي حديث جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-

قال: «إنَّ لِي خَمْسَةُ أسماء: أنا محمدُ، وأنا أحمدُ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفرَ، وأنا الحاشرُ الذي يُحشَرُ الناسُ على قَدَمِي، وأنا العاقبُ، والعاقبُ الذي ليس بعده نبيٌّ»        [متفق عليه] .

عدد أولاد الرّسول ﷺ من الذكور و الإناث:

 كان للنبي ﷺ سبعةٍ من الأبناء؛ ثلاثة من الذكور، وأربعة ومن الإناث، أمهم جميعًا هي: السيدة  خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها-

عدا إبراهيم؛ فأمّه هي مارية القبطية –رضي الله عنها.

 

 

والأولاد من الذكور هم كالتالي:

الأول: القاسم وهو أكبر أولاده، وبه كان يُكنّى ﷺ

فكان ينادي بــ(أبي القاسم) وُلد في مكة، ومات وهو صغير.

الثاني عبد الله وهو الابن الثاني لرسول الله ﷺ، وكان يعرف بـ(الطيب والطاهر) وُلد في مكة بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد سمّاه النبي على اسم أبيه عبد الله، وقد توفي بعد وفاة أخيه القاسم بزمنٍ قليلٍ، وكان صغيرًا أيضًا، ودُفن في منطقة “الْحُجُون” بمكة.

الثالث: إبراهيم، وهو الابن الأخير للنبيّ -ﷺ- في المدينة في السنة الثامنة من الهجرة، وقد سَمَّاه النبي إبراهيم على اسم جدّه سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، وأمه مارية القبطية –رضي الله عنها-، وذبح عنه النبيّ العقيقةَ في اليوم السابع من مولدِه، توفّي وعمره ستة عشر شهرًا، أي سنة وأربعة أشهر، وذلك في السنة العاشرة من الهجرة في شهر ربيع الأول، ودُفن في البقيع، ولقد حزن عليه ﷺ كثيرًا.

بنات الرسول ﷺ:

كان له ﷺ أربعٌ من البنات هنَّ كالتالي:

الأولى: زينب –رضي الله عنها- وهي البنت الكبرى، وُلدت بمكة قبل البعثة، وتزوّجت من أبي العاص بن الربيع ابن خالتها هالة بنت خويلد، وقد أسلمتْ، وبقي هو على الكفر، ثم أسلم قبل فتح مكة، وقد وَلدت من أبي العاص: “عليّ وأُمَامة”، ولقد توفي عليّ في حياتها وعاشت أمامة  إلى أن تزوّجها  سيدنا علي بن أبي طالب بعد وفاة     

 السيدة فاطمة –رضي الله عنهما-.

الثانية: رقيّة –رضي الله عنها- وُلدت قبل بعثة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وترتيبها الثانية بين البنات الأربع، وكانت زوجة عُتْبة بن أبي لهب، ولكنه لم يدخل بها ثم طلّقها، بسبب وحي البعثة للنبي ﷺ، ثم تزوّجها سيدنا عثمان بن عفان t، ثم هاجرت إلـى الحبشة، ثم إلـى المدينة المنورة، وتُوفّيت أثناء غزوة بدر في العام الثاني من الهجرة، وقد أنجبت لسيدنا لعثمان ولدًا اسمه عبد الله، تُوفّي صغيرًا، وتزوّج سيدنا عثمان بعد وفاتها بأختها السيدة أمّ كلثوم –رضي الله عنها .

الثالثة:  أم كلثوم –رضي الله عنها- كانت متزوجة من عُتَيْبة بن أبي لهب، ولكنه طلقها قبل أن يدخل بها أيضًا، وهاجرت مع النبيّ إلى المدينة، وبعد وفاة أختها رقية تزوّجها عثمان بن عفان، t في العام الثالث من الهجرة، ثم تُوفّيت هي الأخرى –رضي الله عنها- في العام التاسع من الهجرة.

الرابعة: فاطمة –رضي الله عنها- هي أصغر بنات النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأفضل نساء الأمة، تزوّجها سيدنا عليّ بن أبي طالب –رضي الله عنه– ابن عم النبيّ ﷺ بعد غزوة أحدٍ، وكان عُمرها ثماني عشرة سنة، وقد أنجبت خمسة أولاد، هم: (الحسن، والحسين، ومحسن، وزينب، وأم كلثوم)، وهي من أحبّ الناس إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد تُوفّيت بعد وفاة النبي ﷺ بستة شهور، وغسّلها زوجها سيدنا علي، والسيدة أسماء بنت عميس، وصلى عليها، ثم دفنها في البقيع .

 

 

 

 

 

 

ومما سبق يتضح أن البشرية كانت في أمس الحاجة لمولده ﷺ لكي يخرجهم من الظلامات إلى النور . ومن الضلال إلى الهدي والطريق المستقيم.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

([1] ) أخرجه البخاري (5185، 5186)، ومسلم (47، 1468)

([2])انظر د.محمد يوسف موسى، التركة والميراث في الإسلام، ط2، دار المعرفة، القاهرة، 1967، ص31

وراجع أحكامِ ميراث المرأة ِ في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، للباحثة / ورود عادل إبراهيم عَورتاني، بإشراف الدُكتور مُحَمَّد الصُلَيبي، جامعةُ النَّجاحِ الوطنية … ١٤١٩ – ١٩٩٨.

([3] ) فريضة الله في الميراث / دكتور عبد العظيم الديب / ص٨ / دار الأنصار للطباعة … الطبعة الأولى ١٣٩٨

([4] ) راجع أحكامِ ميراث المرأة ِ في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، للباحثة / ورود عادل إبراهيم عَورتاني، بإشراف الدُكتور مُحَمَّد الصُلَيبي، جامعةُ النَّجاحِ الوطنية … ١٤١٩ – ١٩٩٨.

([5] ) فريضة الله في الميراث / دكتور عبد العظيم الديب / ص ٧ـ ٨  وعلم الميراث / مصطفى عاشور / ص١٠

([6] ) راجع أحكامِ ميراث المرأة ِ في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، للباحثة / ورود عادل إبراهيم عَورتاني، بإشراف الدُكتور مُحَمَّد الصُلَيبي، جامعةُ النَّجاحِ الوطنية … ١٤١٩ – ١٩٩٨.

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي البعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

وبعد

فلقد رأت السيدةُ خديجة في منامها أن شمساً سقطت في دارها فأضاءت ما حولها، فذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل الذي بشرها بأنها النبوة ستشرق من بيت فتضيءُ العالمَ كلَهُ.

 يقول المؤرخ الإنجليزي “هربرت جورج ويلز”: “لم يشهد العالم فى تاريخه فترة أظلم ولا أسوأ ولا أكثر يأسًا فى المستقبل من القرن السادس الميلادى، فقد أصاب العالم فى تلك الفترة الشلل الكامل، و كانت أوروبا أشبه برجل ضخم مات و تعفنت جثته، وكان ذلك حتى ظهر محمد نبى المسلمين“

حال البشرية قبل مولده وبعثته صلى الله عليه وسلم

كانت البشرية قبل مولده وبعثته صلى الله عليه وسلم

 في أسوأ حالاتها, فكان العرب يعبدون الأصنام ، ويعظمونها وكانوا يصنعونها ، من التمر ، أو الطين ، ،ولقد بلغ عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنماً.

وفي بلاد الفرس كان المجوس يعبدون النار , وكان زرادشت في بلاد فارس، الذي يعتبر من كبار الفلاسفة , هو الذي دعا إلى تقديس النار، وكان يقول : إن نور الله عز وجل يسطع في كل ما هو مشرق وملتهب، وقد حرم الأعمال التي تحتاج النار، واكتفت الناس بالزراعة والتجارة.

وكان ملوك  فارس تعبدهم الناس من دون الله تعالى، وكانوا يعتقدون أن دم كسرى دماً إلهياً، و كان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجداً على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له، وأقرب الطبقات إلى كسرى هم طبقة الكهان والأمراء والوزراء كانوا يقفون على بعد (5) أمتار، ومن أدنى منهم درجة على بعد (10) أمتار، والرسل كانوا يقفون على مسافة (15) متراً من كسرى ، من أراد أن يدخل على كسرى يضع على فمه قطعة من القماش الأبيض الرقيق، حتى لا تلوث أنفاسه أنفاس كسرى .

وكان كسرى يتزوج من أرد بدون مانع لمحارم ولا غيره  ولقد تزوج  يزدجرد الثاني

كسرى فارس من ابنته ثم قتلها.

وفي بلاد الروم كانوا يعبدون الأحبار والرهبان ولقد

كانت لديهم طقوس عجيبة غريبة منكرة

يروي ابن فضلان الرحالة المسلم في القرن الرابع الهجري ما شاهده بنفسه من موت أحد السادة في أوروبا، فجاءوا بجارية له كي تموت معه، فشربت الخمر ورقصت وقامت بطقوس معينة، ثم قيدوها بالحبال من رقبتها، ثم أقبلت امرأة عجوز يسمونها ملك الموت وبيدها خنجر كبير، ثم أخذت تطعنها في صدرها بين الضلوع في أكثر من موضع، والرجال يخنقونها بالحبل حتى ماتت، ثم أحرقوها ووضعوها مع سيدها الميت،

قال تعالى واصفاً هؤلاء : ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) يونس/ 18 .

وجاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن عياض بن حمار رضي الله عنه، فإنه عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث وضح حال الأرض قبل بعثته صلى الله عليه وسلم، فقال: (إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب)

ولقد وصل حال العالم إلى حالة من التردي والضياع الشديد، إلى الدرجة أن الله تعالى مقتهم وغضب عليهم والمقت هو شدة الكراهية، وكلمة (بقايا) يعني عدد قليل  وكان كل رجل في مدينة أخرى يبتعد عنه مئات أو آلاف الأميال، وهكذا.

وكانوا في الجاهلية يغزوا بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، لأتفه الأسباب ، ، فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال .

ومن ذلك : ” حرب البسوس ” التي دامت ثلاثين سنة ، بسبب أن ناقة وطئت بيضة

” قبَّرة ” – نوع من أنواع الطيور – فكسرتها ، فقتل رجل يسمي كليب هذه الناقة

وكانت حرب البسوس بين قبيلة تغلب بن وائل وأحلافها ضد بني شيبان وأحلافها من قبيلة بكر بن وائل بعد أن ، ويذكر المكثرون من رواة العرب أن هذه الحرب استمرت أربعين عاما من سنة 494م، ويذكر المقللون أنها استمرت بضعة وعشرين سنة

ومنها : ” حرب داحس والغبراء ” ، وقد دامت أربعين سنة ، بسبب أن فرساً غلبت أخرى في السباق .

 وكانوا في الجاهلة يأكلون الميتة ، ويشربون الدم وكان بعض

القبائل  يطوفون بالكعبة عراة نساء ورجالاً ،

إن لم يمن عليهم أهل مكة, بثياب من عندهم ، ويعتقدون أن ثياباً عصي الله

فيها لا تصلح أن يطاف بها ، وتقول قائلتهم

عن عورتها المغلظة:

اليوم يبدو كله أو بعضه وما بدا منه فلا أحلُّه !
ولقد كان الزنا منتشراً جدا وكان الفساد الأخلاقي والاجتماعي، قد انتشر فيهم وانتشر أيضا ، شرب الخمر والميسر، و الرِّبَا بشكل كبير

ويصف سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أحوال الناس في مكة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فيقول للنجاشي ملك الحبشة: “أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصِلة الرَحِم، وحُسن الجوار”.

ويقول أيضا المغيرة بن شعبة رضي الله عنه بين يدي “يَزْدَجْرِد” ملك الفرس الذي قال للمغيرة في معركة القادسية ـ كما ذكر ذلك ابن كثير في “البداية والنهاية”: “إني لا أعلم في الارض أمة كانت أشقى ولا أقل عددا ولا أسوأ ذات بين منكم، قد كنا نوكِل بكم قرى الضواحي ليكفوناكم، لا تغزوكم فارس ولا تطمعون أن تقوموا لهم. فإن كان عددكم كُثر فلا يغرنكم منا، وإن كان الجَهد (الفقر) دعاكم فرضنا لكم قوتا إلى خصبكم، وأكرمنا وجوهكم، وكسوناك وملَّكْنا                                                                                   عليكم ملكا يرفق بكم.

 فأسكت القوم فقام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فقال: أيها الملك، إن هؤلاء

 رؤوس العرب ووجوههم، وهم أشراف يستحيون من الأشراف، وإنما يكرم الاشرافَ

الأشرافُ، ويعظم حقوق الاشرافِ الأشراف، وليس كل ما أرسلوا له جمعوه لك، ولا كل ما تكلمتَ به أجابوك عليه، وقد أحسنوا ولا يحسن بمثلهم إلا ذلك، فجاوبني فأكون أنا الذي أبلغك ويشهدون على ذلك. إنك قد وصفتنا صفة لم تكن بها عالما، فأما ما ذكرتَ مِن سوء الحال فما كان أسوأ حالا منا، وأما جوعنا فلم يكن يشبه الجوع، كنا نأكل الخنافس والجُعلان والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا، وأما المنازل فإنما هي ظهر الارض، ولا نلبس إلا ما غزلنا من أوبار الابل وأشعار الغنم.. ديننا أن يقتل بعضنا بعضا، وأن يبغي بعضنا على بعض، وإن كان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية كراهية أن تأكل من طعامه، وكانت حالنا قبل اليوم على ما ذكرتُ لك، فبعث الله إلينا رجلاً معروفاً ((محمداً صلى الله عليه وسلم) نعرف نسَبَه ونعرف وجهه ومولده، فأرضه خير أرضنا، وحسبه خير أحسابنا، وبيته خير بيوتنا، وقبيلته خير قبائلنا، وهو نفسه كان خيرنا في الحال التي كان فيها أصدقنا وأحلمنا”.

ويقول جوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب) يصف وضع أوروبا: لم يجدوا في أوروبا بعض الميل للعلم إلا في القرن الحادي عشر والثاني عشر من الميلاد. الموافق للقرن الرابع والخامس الهجري.

و يقول المؤرخ الأندلسي أبو القاسم صاعد بن أحمد الأندلسي القرطبي

صاحب كتاب (طبقات الأمم)

 وهو ، يحكي حال البلاد الأوربية كانوا قوماً أشبه بالبهائم، وقد يكون ذلك من إفراط بعد الشمس عن رءوسهم فصارت بذلك أمزجتهم باردة، وأخلاقهم فجة رديئة، وقد انسدلت شعورهم على وجوههم، وعدموا دقة الأفهام، وغلب عليهم الجهل والبلادة، وفشت فيهم الغباوة.

ويقول الرحالة الأندلسي إبراهيم الطرطوش يصف أهل جليقية الذين كانوا يعيشون في شمال إسبانيا، قال: هم أهل غدر ودناءة أخلاق، لا يتنظفون ولا يغتسلون في العام إلا مرة أو مرتين بالماء البارد، لا يغسلون ثيابهم منذ يلبسونها إلى أن تتقطع عليهم، ويزعمون أن الوسخ الذي يعلوهم من عرقهم تصح به أبدانهم.

حال المرأة قبل البعثة النبوية:

لم تحترم البشرية المرأة في الجاهليّة، بل  كانوا يعاملوها كما يعاملون الدواب فلا                   ميراث لها ولا كرامة، وقد تعرضت المرأة لأبشع صنوف الإهانة والتحقير, وكانوا               يجبرونها على الزواج بمن تكره، أو يمنعونها من الزواج، وإذا مات الرجل منهم كان أولياؤه أحقّ (بزوجته) من أهلها، إن أراد أحد منهم أن يتزوجها تزوجها، أو يزوجها لمن أحب  وهذا ما جاء  في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً}(النساء:19).

قال ابن كثير: “قال ابن عباس: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك”.

وفي رواية: “إن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها”.

وكانت المرأة إذا مات عنها زوجها أهملت نفسها ومرّغت نفسها بالتّراب. قالت زينب بنت أبي سلمة: “كانت المرأة إذا تُوُفِّىَ عنها زَوْجُهَا دخلتْ حِفْشاً (بيتا صغيرا)، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثيابها، ولم تمَسَّ طِيباً حتى تمر بها سنة، ثم تُؤْتَى بِدَابَّةٍ ـ حِمَار أَوْ شَاة أو طَائر ـ فتفْتضُّ بِه (تمسح به جلدها)، فَقَلَّما تَفْتَضُّ بِشَىْء إِلاَّ مات، ثمَّ تخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً (روثة من الحيوان) فترْمِى” رواه البخاري.

ومن بشاعة ما كان في الجاهلية وأْد البنات:

وهو دفنهن أحياء، خوفا من العار قال الله تعالى ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾(النحل: 59:58)،

 وقال تعالى:﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ التكوير:9:8

ولقد  حرَّم الإسلام هذه الجريمة البشعة : فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمهات، وَمَنْعاً وهات، ووَأد البنات، وكَرِهَ لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) رواه البخاري)

. وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ وُلِدَتْ له ابنةٌ فلم يئِدْها ولم يُهنْها، ولم يُؤثرْ ولَده عليها ـ يعني الذكَرَ ـ أدخلَه اللهُ بها الجنة) رواه أحمد

و عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(مَنْ عال أي قام بتربية) جاريتين)

بنتين) حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه) رواه مسلم.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن كان له ثلاثُ بناتٍ أو ثلاثُ أخَوات، أو ابنتان أو أُختان، فأحسَن صُحبتَهنَّ واتَّقى اللهَ فيهنَّ َفلهُ الجنَّةَ) رواه الترمذي.

و عن أبي هريرة t قال رسول الله r ( من كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا).([1])

فكانت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ومولده رحمة للدينا

 قال الله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾الجمعة:2).

قال السعدي

: “امتن الله تعالى عليهم منَّةً عظيمة، أعظم مِن مِنته على غيرهم، لأنهم عادمون للعلم والخير، وكانوا في ضلال مبين، يتعبّدون للأشجار والأصنام والأحجار، ويتخلّقون بأخلاق السباع الضارية، يأكل قويهم ضعيفهم، وقد كانوا في غاية الجهل بعلوم الأنبياء، فبعث الله رسولا منهم، يعرفون نسبه وأوصافه الجميلة وصدقه، وأنزل عليه كتابه”

. وقال الله تعالى  ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾الأنبياء:107)..

قال ابن كثير: “يخبر تعالى أن الله جَعَل محمدًا – صلى الله عليه وسلم – رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلَّهم، فمن قَبِل هذه الرحمةَ وشكَر هذه النعمةَ، سَعد في الدنيا والآخرة، ومن رَدَّها وجَحَدَها خَسِر في الدنيا والآخرة”.

وقال الشنقيطيّ: “ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه ما أرسل هذا النَّبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه إلى الخلائق إلا رحمة لهم، لأنه جاءهم بما يُسعدهم، وينالون به كل خيرٍ مِن خير الدنيا والآخرة إنِ اتبعوه، ومَنْ خالف ولم يتبع فهو الذي ضيَّع على نفسه نصيبه من تلك الرحمة العظمى”.

مولد النبي ﷺ مولد لكل فضيلة

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: “ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه “، وقال عمه العباس عن مولده صلى الله عليه وسلم:

وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ

فَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ فِي الضِّيَاءِ وسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ

ومن المعلوم أن نبينا صلى الله عليه وسلم وُلِدَ في يوم الاثنين من ربيع الأول، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل عن صوم يوم الاثنين، فقال:فيه وُلدتُ، وفيه أُنزِلَ عليَّ) رواه مسلم)،

 ولا خلاف في كون مولده صلّى الله عليه وسلّم يوم الاثنين بمكة المكرّمة عام الفيل، فعن قيس بن مخرمة رضي الله عنه قال: (وُلِدْتُ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل) رواه البيهقي، وأكثر أهل السِيَّر على أنه صلوات الله وسلامه عليه وُلِدَ يوم الثاني عشر من ربيع الأول بعد حادثة الفيل بخمسين يوماً، قال ابن عبد البَرِّ: “وُلِدَ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ قُدومِ الفِيلِ بشهر، وقيل بِأَرْبَعِين يَوْماً، وقيل بِخَمْسِين يوماً”.

يقول صاحب الرحيق المختوم (صفي الرحمن المباركفوري)عن المولد الشريف:

ولد سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول، لأول عام من حادثة الفيل، ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان،

 ويوافق ذلك العشرين أو الثاني وعشرين من شهر أبريل سنة 571 م حسبما حققه العالم الكبير محمد سليمان المنصور فوري والمحقق الفلكي محمود باشا

وروى ابن سعد أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: لما ولدته خرج مني نور أضاءت له قصور الشام، وروى أحمد عن العرباض بن سارية ما يقارب ذلك

وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، روى ذلك البيهقي

حادثة عام الفيل:

هذه الحادثة مشهورة وثابتة بالكتاب والسنة،

والتي حاول فيها أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، وقد ذكر سبحانه هذه الحادثة في كتابه الكريم،

 فقال﴿{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (الفيل:1-5)،

قال ابن كثير: “هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود، فأبادهم الله، وأرغم آنافهم، وخيب سعيهم، وأضل عملهم، وردهم بشرِّ خيبة، وكانوا قوماً نصارى، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالاً مما كان عليه قريش من عبادة الأصنام، ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه في ذلك العام وُلِدَ على أشهر الأقوال”.

وقال ابن تيمية: “وكان جيران البيت مشركين يعبدون الأوثان، ودين النصارى خير من دينهم، فعُلِم بذلك أن هذه الآية لم تكن لأجل جيران البيت حينئذ، بل كانت لأجل البيت، أو لأجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الذي وُلِدَ في ذلك العام عند البيت، أو لمجموعهما، وأيّ ذلك كان، فهو من دلائل نبوته”.

نور يخرج من بطن  أمِّه ﷺ

عن لقمان بن عامر قال سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَة يقول قُلْتُ يَا نَبِيَّ الله ما كان أَوَّلُ بَدْءِ أَمْرِك؟ قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأتْ أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام) رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.(

قال ابن كثير: “قوله: ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام) قيل: كان مناماً رأته حين حملت به، وقَصَّته على قومها، فشاع فيهم، واشتهر بينهم، وكان ذلك توطئة”.

وقال ابن رجب: “خروج هذا النور عند وضعه؛ إشارة إلى ما يجيء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض، وأزال به ظلمة الشرك منها،

كما قال تعالى: {﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ﴾المائدة:15-16)، وقال تعالى: {﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(الأعراف:157:

 

ظهور نجم أحمد في السماء:

وهو هو نجم لامع في السماء، له خصائص تختلف عن غيره من النجوم، وقد عرف به اليهود أن أحمد خاتم الأنبياء قد وُلِدَ، روى ابن إسحاق عن حسان بن ثابت رضي الله عنه قال: “والله، إني لغلام يفعةٌ (شبَّ ولم يبلغ)، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كلَّ ما سمعت، إذ سمعت يهوديًّا يصرخ بأعلى صوته على أطمةً (حصن) بيثرب: يا معشر يهود! حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له: ويلك ما لك؟، قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي وُلِدَ به” رواه البيهقي وصححه الألباني. وروى أبو نعيم وحسنه الألباني عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال زيد بن عمرو بن نفيل، قال لي حَبْرٌ من أحبار الشام: “قد خرج في بلدك نبي، أو هو خارج، قد خرج نجمه، فارجع فصدقه واتبعه”.

بمولده ﷺ مولد للرحمة والرفق:

قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159).

وقال تعالى: {ن والقَلَمِ وَما يَسْطُرُون * ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُون * وَإِنَّكَ لَعلى خُلُقٍ عَظِيم} (القلم:1 – 4).

وقال تعالى: “لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِين رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ” (التوبة: 128).

وقال تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} (الأنبياء: 107).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله أدع على المشركين، قال: “إني لم أُبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة”. رواه مسلم

وعن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

 فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة، فقال: (أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يُقيم به الملة والعوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينًا عُميًا، وآذانًا صُمًّا، وقلوبًا غُلفًا). رواه البخاري

وكان ﷺ، إذا أتاه السائل، أو صاحب الحاجة قال: (اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء) رواه البخاري

بمولده ﷺ مولد لحسن الخلق:

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما بعثت على تمام محاسن الأخلاق) (أخرجه ابن عبد البر في التمهيد 4711.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله ﷺ، من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله! لا أذهب وفي نفسي، أن أذهب لما أمرني به. قال: فخرجت حتى مر على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله ﷺ قابض بقفاي من ورائي فنظرت إليه وهو يضحك فقال: يا أنيس اذهب حيث أمرتك. قلت: نعم! أنا أذهب يا رسول الله. صحيح الترمذي

ويقول أنس: “والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال

لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا، أو لشيء تركته:

هلا فعلت كذا وكذا” رواه مسلم وفي رواية لأحمد: “ما قال لي فيها أف”.

وعن أبي أُمَامَة الباهِليِّ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِراءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقّاً، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ” حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح.

وكان النبي ﷺ يقول: “اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت” رواه مسلم.

بمولده ﷺ مولد للتواضع وخفض الجناح:

كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرقّع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع العبد، ويجلس على الأرض، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجته من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها هو،

روى البخاري في صحيحه من حديث الأسود قال: سألت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي ﷺ يصنع في أهله؟ قالت: كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة. رواه البخاري.

 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن كانت الأمة

لتأخذ بيد رسول الله ﷺ، فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما كان شخصٌ أحبُّ إليهم من رسولِ الله ﷺ وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك. رواه أحمد والترمذي والبخاري في الأدبِ المفردِ بأسانيدَ صحيحة.

 وقال رسول الله ﷺ للصحابة عند موته: “لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم؛ فإنما أنا عبد الله ورسوله” رواه البخاري.

وكان النبي ﷺ يدعى إلى خبز الشعير “والإهالة السنخة”. رواه أحمد وصححه الألباني ( الإهالة: الدَّسَم الجامد، والسَّنِخة المتغيرة الريح).

وكان النبي ﷺ يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم. رواه النسائي وصححه الألباني.

وكان النبي ﷺ يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم. رواه الحاكم وصححه الألباني.

يقول رسول الله ﷺ: “إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحدٍ ولا يبغي أحد على أحد” أخرجه مسلم.

عن أنس رضي الله عنه قال: “كانت ناقة رسول الله ﷺ لا تُسبَق أو لا تكاد تُسبَق، فجاء أعرابي على قعود له (أي جمل) فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال الرسول ﷺ: “حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه” رواه البخاري.

بمولده ﷺ مولد الصبر وتحمل الأذى والعفو:

قال الله تعالى: “وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ”.

عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال كأني أنظر إلى رسول الله ﷺ يحكي نبيًّا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. متفق عليه

وعن أبي سعيد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنهما أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله ﷺ فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده ما يكن من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطى أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر. متفق عليه

 بمولده ﷺ مولد المعاملة الحسنة:

عن أنس رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله ﷺ إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد وأصحاب الرسول ﷺ يصيحون به: مه مه (أي اترك)، فقال رسول الله ﷺ: “لا تزرفوه دعوه” (لا تقطعوا بوله)، فترك الصحابة الأعرابي يقضي بوله، ثم دعا الرسول عليه الصلاة والسلام الأعرابي فقال رسول الله ﷺ للأعرابي: “إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن”. وقال رسول الله ﷺ لأصحابه: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين

صبوا عليه دلوا من الماء. فقال الأعرابي:

 اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدًا. فقال الرسول ﷺ:

“لقد تحجرت واسعًا، أي ضيقت واسعًا” متفق عليه.

وفي قصة معاوية بن الحكم وقد عطس أمامه رجل في صلاته فشمته معاوية وهو يصلي فقال: فحدقني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه ما لكم تنظرون إليّ؟ قال: فضرب القوم بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتونني سكت.

فلما انصرف رسول الله دعاني، بأبي هو وأمي، ما ضربني ولا كهرني ولا سبني، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه. رواه النسائي وأبو داود.

وعن عائشة قالت: استأذن رهط من اليهود على رسول الله ﷺ فقالوا: السام عليكم! قالت عائشة: فقلت: بل عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله ﷺ: يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله. قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم. متفق عليه.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلـم إذا بعث أحدًا من أصحابه في بعض أمره،

قال: “بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا”. متفق عليه.

وعن أَبي قَتادَةَ الْحارِثِ بنِ ربْعي رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “إِنِّي لأَقُومُ إِلَى الصَّلاةِ، وَأُرِيدُ أَنْ أُطَوِّل فِيها، فَأَسْمعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجوَّز فِي صلاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ” رواه البخاري

 

 

بمولده ﷺ مولد للشجاعة والإقدام:

كان النبي ﷺ أشجع الناس، ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر.

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه -وهو من أبطال الأمة وشجعانها- قال: (إنا كنا إذا اشتد بنا البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله ﷺ، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله ﷺ وهو أقربنا إلى العدو) رواه أحمد والطبراني والنسائي.

وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي ﷺ أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا. رواه البخاري ومسلم.

وجاء رجل إلى البراء بن عازب، فقال: أكتم وليتم يوم حنين، يا أبا عمارة؟ فقال: أشهد على نبي الله ﷺ ما ولى، ولكنه انطلق أخفاء من الناس، وحسر إلى هذا الحي من هوازن، وهم قوم رماة، فرموهم برشق من نبل، كأنها رجل من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله ﷺ وأبو سفيان بن الحارث يقود به بغلته، فنزل ودعا واستنصر، وهو يقول: (أنا النبي لا أكذب، أنا ابن عبد المطلب، اللهم أنزل نصرك).

عن ابْنِ عَبَّاس رضي اللَّه عنهما أيضًا قال: “حسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الْوكِيلُ قَالَهَا إبْراهِيمُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حينَ أُلْقِى في النَّارِ، وَقالهَا مُحمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حيِنَ قَالُوا: “إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيماناً وقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوكِيلُ” رواه البخاري.

 

 

بمولده ﷺ مولد للرفق بالحيوان:

عن سهيل بن الحنظلية قال: مرّ رسول الله ﷺ ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: “اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة”. “المعجمة: التي لا تنطق”. رواه أبو داود بإسناد صحيح.

وعن عبد الله، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرة (طائر يشبه العصفور) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة، فجعلت تُعرش، فلما جاء رسول الله ﷺ، قال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها. أبو داود.

وقال ﷺ: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته”. رواه مسلم.

و رأى النبي -صلى اللّه عليه وسلم- رجلاً أضجع شاة، وهو يحد شفرته، فقال: “‏لقد أردت أن تميتها موتات، هلا حددتها قبل أن تضجعها‏؟!”‏ حديث صحيح على شرط البخاري.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال ابن عمر من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا إن رسول الله صلى الله علية وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه الروح غرضًا. متفق عليه.

 بمولده ﷺ مولد للجود والكرم:

كان رسول الله ﷺ أجود الناس بالخير،

وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، حتى ينسلخ، فيأتيه جبريل،

 فيعرض عليه القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة. رواه البخاري ومسلم.

وعن أنس: أن رجلاً سأل النبي ﷺ غنمًا بين جبلين فأعطاه إياه، فأتى قومه فقال: أي قوم أسلموا فو الله إن محمدًا ليُعطي عطاء ما يخاف الفقر، فقال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يُسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها. رواه مسلم.

بمولده ﷺ مولد للزهد وترك الدنيا :

ثبت في الصَّحيحين من حديث ابن عبَّاس عن عمر بن الخطاب في حديث إيلاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أزواجه، أن لا يدخل عليهنَّ شهراً، واعتزل عنهنَّ في علية، فلما دخل عليه عمر في تلك العلية فإذا ليس فيها سوى صبرة من قرظ، وأهبة معلقة، وصبرة من شعير، وإذا هو مضطجع على رمال حصير، قد أثَّر في جنبه، فهملت عينا عمر فقال:‏ ما لك‏؟‏‏‏‏ فقلت:‏ يا رسول الله أنت صفوة الله من خلقه، وكسرى وقيصر فيما هما فيه.‏ فجلس محمراً وجهه فقال: أوفي شكٍ أنت يا ابن الخطاب‏؟‏‏ ‏ ثم قال: أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدُّنيا. ‏وفي رواية لمسلم: أما ترضى أن تكون لهم الدُّنيا ولنا الآخرة فقلت:‏ بلى يا رسول الله.‏ قال:‏ ‏ ‏فاحمد الله عز وجل.‏

قال رسول الله ﷺ: “اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا”

(أي ما يسدُّ الجوع) متفق عليه.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد رأيت رسول الله ﷺ، يتلوى من الجوع،

ما يجد ما يملأ من الدقل بطنه. (الدقل: رديء التمر) رواه مسلم.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل رسول الله ﷺ من خبز بُرٍّ. أخرجه البخاري ومسلم.

بمولده ﷺ مولد لخشوع القلب ورقته :

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله ﷺ اقرأ عليّ القرآن فقلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل. قال: إني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا جئت إلى هذا الآية (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا). قال: حسبك الآن، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان. رواه البخاري ومسلم.

بمولده ﷺ مولد لكرامة المرأة ونيل حقوقها :

فأنصف المرأة، وأكرمها واحترامها , منذ مولدها و نشأتها الي أن تصير فتاة يافعة وأما حنونة، وزوجة مشفقة؛ فحرم الإسلام وأدها وأمر بالإحسان إليها ووصى بها:

الذمة المالية للمرأة في الإسلام

 جعل الإسلام للمرأة ذمة مالة مستقلة. فالمرأة الرشيدة في شريعة الإسلام لها حق التملك وحق التعامل والتصرف في مالها كله أو بعضه بكافة صور وأساليب الكسب المباح والوسائل المشروعة؛ من استثمار، وتجارة، وإنفاق، وبيع وشراء، وإجارة، ومضاربة، ومزارعة، وتبرع، وهبة، ووصية، وتصدق، وإقراض، وتنازل، وإعارة، ورهن.. ولها أن تُبرم العقود المالية والتجارية بنفسها دون وسيط، وأن تُوكل عنها في مالها، وأن تَضمن غيرها، وأن تخاصم الغير في حقوقها المالية أمام القضاء.. إلى غير ذلك من صور المعاملات المالية والاقتصادية؛ كل ذلك من غير سلطان أو إذن أو إشراف من وليها أو زوجها دون إرادتها. قال صاحب الظلال عند تفسيره :

قال تعالى: ]لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا[(النساء: ٧)

والعجيب كل العجب من بعض الغوغاء الذين يلقون بالشبهات هنا وهناك، ويتهمون الإسلام أنه ظلم المرأة وحرمها من الميراث أو قلل من نصيبها ،وفضل الرجال عليها.

 

 

 

 

 

ميراث المرأة قبل مولد الرسول ﷺ:

أولا: ميراث المرأة عند اليهود:

نجد نظام الميراث عند اليهود يحرم الإناث من الميراث، سواء كانت أما أو أختا أو ابنة أو غير ذلك إلا عند فقد الذكور، فلا ترث البنت مثلا إلا في حال انعدام الابن.

فيه تكلم نبي إسرائيل قائلا: أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته. سفر العدد إصحاح 27: 1 – 11  أما الزوجة فلا ترث من زوجها شيئا مطلقا.

فاليهود بطبعهم يعيشون متماسكين متكتلين فيما بينهم يحرصون على جمع المال واكتنازه بشتى الوسائل التي تمكنهم من ذلك، ومن أجل هذا كان من البدهي أن يحرصوا كل الحرص على عدم ذهاب شيء من مال الميت إلى غير أسرته، حتى تحتفظ الأسرة فيما بينها بأموالها التي تعبت في جمعها، وتعتز بها بوصفها وسيلة للسيطرة والظهور في المجتمعات، لذلك هم لا يورثون المرأة سواء كانت بنتاً، أو أما، أو زوجة، أو أختاً، ما دام يوجد لهذا الميت إبن، أو أب، أو قريب ذكر كالأخ والعم، فالذكر يقدم دائماً على الأنثى وللشخص الحرية الكاملة في ماله يتصرف به كيف يشاء بطريقة الهبة أو الوصية فله أن يحرم جميع أقاربه دون أي قيد على هذه الحرية وله أن يوصي بجميع ماله لأي شخص وإن كان أجنبياً.([2])

ميراث المرأة عند الرومان:

إن المرأة عند الرومان كانت تساوي الرجل فيما تأخذه من التركة مهما كانت درجتها، أما الزوجة، فلم تكن ترث من زوجها المتوفى، فالزوجية عندهم لم تكن سبباً من أسباب الإرث، حتى لا ينتقل الميراث إلى أسرة أخرى، ([3])

 الميراث عند الأمم الشرقية القديمة:

ونعني بهم الطورانيين والكلدانيين والسريانيين والفنيقيين والسوريين والأشوريين واليونانيين وغيرهم ممن سكن الشرق بعد الطوفان الذي كانت أحداثه جارية قبل ميلاد المسيح عليه السلام فقد كان الميراث عندهم يقوم على إحلال الابن الأكبر محل أبيه، فإن لم يكن موجودا

فأرشد الذكور، ثم الأخوة ثم الأعمام …. وهكذا إلى أن يدخل الأصهار وسائر العشيرة وتميز نظام الميراث عندهم فضلا عما ذكرنا بحرمان النساء والأطفال من الميراث.([4])

 الميراث عند قدماء المصريين:

أما المصريون القدماء، فقد بينت الآثار المصرية، أن نظام الميراث عندهم كان يجمع بين كل قرابة الميت من آباء وأمهات، وأبناء وبنات، وأخوة وأخوات، وأعمام، وأخوال وخالات، وزوجة، فكلهم يتقاسمون التركة بالتساوي لا فرق بين كبير وصغير ولا بين ذكر وأنثى.([5])

شهادة غير المسلمين:

ولقد شهد بهذا أيضا مُفكِّرون غَرْبِيُّون حيث أنهم أنْصَفوا نِظامَ الميراثِ في الإسلام: فَوَصَفوه بأنَّ فيه من العدل والإنصاف للمرأة، ما لا يوجد مثله في القوانين الغربيَّة، ومن هؤلاء:

أ- «أني بيزنت» في كتابها «الأديان المنتشرة في الهند» حيث قالت: (ما أكبر خطأ العالَم في تقدير نظريات النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فيما يتعلَّق بالنِّساء…

ولا تقف تعاليم النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عند حدود العموميَّات، فقد وضَعَ قانوناً لوراثة النِّساء، وهو قانون أكثر عدلاً وأوسع حريَّة – من ناحية الاستقلال الذي يمنحها إيَّاه – من القانون المسيحي الإنجليزي، الذي كان معمولاً به إلى ما قبل نحو عشرين سنة، فما وضعه الإسلام للمرأة يُعتبر قانوناً نموذجيّاً، فقد تكفَّل بحمايتهنَّ في كلِّ ما يملكنه، وضَمِن لهنَّ عدم العدوان على أيَّة حصَّة ممَّا يرثنه عن أقاربهنَّ وإخوانهنَّ وأزواجهن)

ويقول  «غوستاف لوبون»: في كتابه «حضارة العرب»: (ومبادئ المواريث التي نصَّ عليها القرآن على جانب عظيم من العدل والإنصاف، ويمكن القارئ أن يُدرك ذلك من الآيات التي أنقلها منه، وأن أُشير فيه بدرجة الكفاية إلى أحكامها العامَّة، ويظهر من مقابلتي بينها وبين الحقوق الفرنسيَّة والإنجليزيَّة أن الشَّريعة الإسلاميَّة منحت الزَّوجات، اللاَّتي يزعمن أنَّ المسلمين لا يُعاشروهنَّ بالمعروف، حقوقاً من المواريث لا نجد مثلها في قوانيننا)([6])

فلتعي المرأة المسلمة هذا الأمر جيد ولتشكر ، الله على جميل فضله عليها ولا تنساق وراء شبهات أعداء الدين من حركات نسوية وأفكار هدامة..

بمولده ﷺ مولد لكرامة الإنسان  :

قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70)].

ومن صُوَرِ حِفْظِ كرامة الإنسان في الإسلام: َهَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه رضي الله عنهم عن إهانة الإنسان، وخَدْشِ كرامتِه؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، قَالَ: «اضْرِبُوهُ»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْزَاكَ اللَّهُ! قَالَ: «لاَ تَقُولُوا هَكَذَا، لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ» رواه البخاري.

ونَهَى الرجلَ عن تقبيح زوجته بالكلام، وعن ضَرْبِ وَجْهِهَا؛ عن مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلاَ تُقَبِّحْ، وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ» حسن صحيح – رواه أبو داود. ومعنى: «لاَ تُقَبِّحْ»:

 أي: لا تُسْمِعْها المَكْروهَ، ولا تَشْتُمْها، ولا تَقُلْ: قَبَّحَكِ اللهُ، ونحو ذلك.

وعن أبي مسعود البَدْري رضي الله عنه قال: كنت أضرب غُلاما لي بالسَّوْط، فسمعت صوتا من خَلفِي: «اعلم أبَا مسعود» فلم أفْهَم الصَّوت من الغَضَب، فلمَّا دَنَا مِنِّي إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: «اعلم أبَا مسعود أن الله أقْدَرُ عليك مِنْك على هذا الغُلام». فقلت: لا أَضرب مملوكا بعده أبدًا. وفي رواية: فسقط السَّوط من يَدي من هَيْبَتِه. وفي رواية: فقلت: يا رسول الله، هو حُرٌّ لوجه الله تعالى، فقال: «أمَا لو لم تفعل، لَلَفَحَتْكَ النَّار، أو لَمَسَّتْكَ النَّار».  [صحيح] – [رواه مسلم)

بمولده ﷺ مولد لرفع الظلم ورد الحقوق  :

قَالَ الله تَعَالَى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر:18]،

وقال تعالى: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [الحج:71
وعن جابرٍ : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ:  اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حملَهُمْ عَلَى أَنْ سفَكوا دِماءَهُمْ، واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ رواه مسلم.
وعن أَبِي هريرة : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقيامَةِ حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الْجَلْحَاء مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاء رواه مسلم.

بمولده ﷺ مولد للرفق بالحيوان  :

نهي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن اتخاذ شيء فيه الروح غرضا يُتعلم فيه الرمي ..

فعن سعيد بن جبير ـ رضي الله عنه ـ قال : ( مَرَّ عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بفتيان من قريش قد نصبوا طيرا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم ، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر : من فعل هذا؟، لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا )( مسلم ).

وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : أنه دخل على يحيى بن سعيد وغلام من بني يحيى رابط دجاجة يرميها ، فمشى إليها ابن عمر حتى حلها، ثم أقبل بها وبالغلام معه، فقال : ازجروا غلامكم عن أن يصبر هذا الطير للقتل، فإني سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى أن تصبر بهيمة أو غيرها للقتل )( البخاري ) . والتصبير : أن يحبس ويرمى .

ومن رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه نهى أن يحول أحد بين حيوان أو طير وبين ولده .

فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في سفر فانطلق لحاجته، فرأينا حُمرَة (طائر صغير) معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تُعَرِّشُ(ترفرف بجناحيها)، فجاء النبي – صلى الله عليه وسلم ـ فقال : ( من فجع هذه بولدها؟، ردوا ولدها إليها )( أبو داود ).

ومن رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحيوان نهيه عن المُثْلة بالحيوان،

وهو قطع قطعة من أطرافه وهو حي، ولعَن من فعل ذلك ..

فعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : ( أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لعن من مَثَّل بالحيوان )( البخاري ).

وعن جابر – رضي الله عنه – : ( أن النبي – صلى الله عليه وسلم – مر عليه حمار قد وُسِمَ(كوي) في وجهه، فقال : لعن الله الذي وسمه )( مسلم ) .

ومن صور رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالحيوان ـ، أن بين لنا أن الإحسان إلى البهيمة من موجبات المغفرة ..

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا، فنزل فيها فشرب ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى(التراب) من العطش، فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له .. قالوا : يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا ؟، فقال : في كل ذات كبد رطبة أجر )( البخاري ).

التعريف بالنبي ﷺ وأهل بيته الكرام رضي الله عنهم:

النبي ﷺ هو:

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطّلبِ بن هاشم بن عبد مناف بن قُصَي بن كلاب بن مرّة بن كعبٍ بن لُؤَي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدٍّ بن عدنان،

يكنى بأبي القاسم ﷺ :

ومن أسمائه أيضًا أحمد: قال تعالى علي لسان سيدنا عيسى بن مريم: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾[الصف: 6]،

وكذلك من أسمائه: أيضًا الماحي، والحاشر، والعاقب، ففي حديث جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-

قال: «إنَّ لِي خَمْسَةُ أسماء: أنا محمدُ، وأنا أحمدُ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفرَ، وأنا الحاشرُ الذي يُحشَرُ الناسُ على قَدَمِي، وأنا العاقبُ، والعاقبُ الذي ليس بعده نبيٌّ»        [متفق عليه] .

عدد أولاد الرّسول ﷺ من الذكور و الإناث:

 كان للنبي ﷺ سبعةٍ من الأبناء؛ ثلاثة من الذكور، وأربعة ومن الإناث، أمهم جميعًا هي: السيدة  خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها-

عدا إبراهيم؛ فأمّه هي مارية القبطية –رضي الله عنها.

 

 

والأولاد من الذكور هم كالتالي:

الأول: القاسم وهو أكبر أولاده، وبه كان يُكنّى ﷺ

فكان ينادي بــ(أبي القاسم) وُلد في مكة، ومات وهو صغير.

الثاني عبد الله وهو الابن الثاني لرسول الله ﷺ، وكان يعرف بـ(الطيب والطاهر) وُلد في مكة بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد سمّاه النبي على اسم أبيه عبد الله، وقد توفي بعد وفاة أخيه القاسم بزمنٍ قليلٍ، وكان صغيرًا أيضًا، ودُفن في منطقة “الْحُجُون” بمكة.

الثالث: إبراهيم، وهو الابن الأخير للنبيّ -ﷺ- في المدينة في السنة الثامنة من الهجرة، وقد سَمَّاه النبي إبراهيم على اسم جدّه سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، وأمه مارية القبطية –رضي الله عنها-، وذبح عنه النبيّ العقيقةَ في اليوم السابع من مولدِه، توفّي وعمره ستة عشر شهرًا، أي سنة وأربعة أشهر، وذلك في السنة العاشرة من الهجرة في شهر ربيع الأول، ودُفن في البقيع، ولقد حزن عليه ﷺ كثيرًا.

بنات الرسول ﷺ:

كان له ﷺ أربعٌ من البنات هنَّ كالتالي:

الأولى: زينب –رضي الله عنها- وهي البنت الكبرى، وُلدت بمكة قبل البعثة، وتزوّجت من أبي العاص بن الربيع ابن خالتها هالة بنت خويلد، وقد أسلمتْ، وبقي هو على الكفر، ثم أسلم قبل فتح مكة، وقد وَلدت من أبي العاص: “عليّ وأُمَامة”، ولقد توفي عليّ في حياتها وعاشت أمامة  إلى أن تزوّجها  سيدنا علي بن أبي طالب بعد وفاة     

 السيدة فاطمة –رضي الله عنهما-.

الثانية: رقيّة –رضي الله عنها- وُلدت قبل بعثة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وترتيبها الثانية بين البنات الأربع، وكانت زوجة عُتْبة بن أبي لهب، ولكنه لم يدخل بها ثم طلّقها، بسبب وحي البعثة للنبي ﷺ، ثم تزوّجها سيدنا عثمان بن عفان t، ثم هاجرت إلـى الحبشة، ثم إلـى المدينة المنورة، وتُوفّيت أثناء غزوة بدر في العام الثاني من الهجرة، وقد أنجبت لسيدنا لعثمان ولدًا اسمه عبد الله، تُوفّي صغيرًا، وتزوّج سيدنا عثمان بعد وفاتها بأختها السيدة أمّ كلثوم –رضي الله عنها .

الثالثة:  أم كلثوم –رضي الله عنها- كانت متزوجة من عُتَيْبة بن أبي لهب، ولكنه طلقها قبل أن يدخل بها أيضًا، وهاجرت مع النبيّ إلى المدينة، وبعد وفاة أختها رقية تزوّجها عثمان بن عفان، t في العام الثالث من الهجرة، ثم تُوفّيت هي الأخرى –رضي الله عنها- في العام التاسع من الهجرة.

الرابعة: فاطمة –رضي الله عنها- هي أصغر بنات النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأفضل نساء الأمة، تزوّجها سيدنا عليّ بن أبي طالب –رضي الله عنه– ابن عم النبيّ ﷺ بعد غزوة أحدٍ، وكان عُمرها ثماني عشرة سنة، وقد أنجبت خمسة أولاد، هم: (الحسن، والحسين، ومحسن، وزينب، وأم كلثوم)، وهي من أحبّ الناس إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد تُوفّيت بعد وفاة النبي ﷺ بستة شهور، وغسّلها زوجها سيدنا علي، والسيدة أسماء بنت عميس، وصلى عليها، ثم دفنها في البقيع .

 

 

 

 

 

 

ومما سبق يتضح أن البشرية كانت في أمس الحاجة لمولده ﷺ لكي يخرجهم من الظلامات إلى النور . ومن الضلال إلى الهدي والطريق المستقيم.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

([1] ) أخرجه البخاري (5185، 5186)، ومسلم (47، 1468)

([2])انظر د.محمد يوسف موسى، التركة والميراث في الإسلام، ط2، دار المعرفة، القاهرة، 1967، ص31

وراجع أحكامِ ميراث المرأة ِ في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، للباحثة / ورود عادل إبراهيم عَورتاني، بإشراف الدُكتور مُحَمَّد الصُلَيبي، جامعةُ النَّجاحِ الوطنية … ١٤١٩ – ١٩٩٨.

([3] ) فريضة الله في الميراث / دكتور عبد العظيم الديب / ص٨ / دار الأنصار للطباعة … الطبعة الأولى ١٣٩٨

([4] ) راجع أحكامِ ميراث المرأة ِ في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، للباحثة / ورود عادل إبراهيم عَورتاني، بإشراف الدُكتور مُحَمَّد الصُلَيبي، جامعةُ النَّجاحِ الوطنية … ١٤١٩ – ١٩٩٨.

([5] ) فريضة الله في الميراث / دكتور عبد العظيم الديب / ص ٧ـ ٨  وعلم الميراث / مصطفى عاشور / ص١٠

([6] ) راجع أحكامِ ميراث المرأة ِ في الفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، للباحثة / ورود عادل إبراهيم عَورتاني، بإشراف الدُكتور مُحَمَّد الصُلَيبي، جامعةُ النَّجاحِ الوطنية … ١٤١٩ – ١٩٩٨.

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

همسات أسرية
فكر وثقافة

همسات أسرية 2

16 نوفمبر، 2025
همسات أسرية
فكر وثقافة

همسات أسرية

16 نوفمبر، 2025
ركن القراءات أصول قراءة الإمام نافع المدني
أعلام المسلمين

ركن القراءات أصول قراءة الإمام نافع المدني

25 أكتوبر، 2025
الركن الطبي (الغذاء لقصور الغدة الدرقية)
فكر وثقافة

الركن الطبي (الغذاء لقصور الغدة الدرقية)

25 أكتوبر، 2025
مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد لكل فضيلة
أعلام المسلمين

مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد لكل فضيلة

6 سبتمبر، 2025
علوُّ الهمة في سيرة الإمام النووي رحمه الله
أعلام المسلمين

علوُّ الهمة في سيرة الإمام النووي رحمه الله

26 يوليو، 2025

❁ مؤسسة السادة

مؤسسة دعوية لا علاقة لها بالسياسة ولا المشاركة السياسية من قريب ولا بعيد، ولا تابعة لأي جماعة ولا اي حزب سياسي في أي بلد ولا اي مكان
منهجنا الدعوة إلى الإسلام بعقيدة ومنهج سلف الأمة.

❁ اقسام الموقع

كتب 

مرئيات 

صوتيات 

تصميمات

❁ روابط سريعة

من نحن

اخبارنا

مكتبة الكتب 

رسائل ماجستير ودكتوراه

 

❁ تفاصيل اخري

علوم شرعية 

فكر وثقافة 

دروس مرئية 

دروس صوتية

حقوق الاقتباس متاحة للجميع حتى تعم الفائدة

No Result
View All Result
  • 🏠الرئيسية
  • 🕋التعريف بالإسلام
    • ☝️عقيدة وتوحيد
    • 🕌التعريف بالنبي ﷺ
    • 🧧التعريف بالقرآن
    • 📃أعلام المسلمين
  • 📋مقالات وملفات
    • ☪ علوم شرعية
    • 🧠فكر وثقافة
    • 📅التاريخ الاسلامي
    • ✊قضايا الأمة
    • 👩‍👧‍👦المرأة والأسرة
    • 🔃شبهات وردود
  • 💼مكتبة السادة الثقافية
    • 📚مكتبة الكتب
    • 🧑‍🎓رسائل علمية
    • قسم التاريخ
    • قسم التفسير
    • قسم عقيدة
    • قسم السيرة النبوية
    • قسم الفقه الاسلامي
    • قسم الحديث
    • قسم اللغة العربية
    • قسم الروايات
    • قسم الأدب
  • 🎙محاضرات
    • 📽 دروس مرئية
      • د محمد عمارة
      • الشيخ سعيد الكملي
      • الشيخ الشعراوي
      • الشيخ بن عثيمين
      • الشيخ محمد إسماعيل المقدم
      • د. راغب السرجاني
      • د. محمد العريفي
      • الشيخ محمد حسان
    • 📺مقاطع قصيرة
    • 🎧دروس صوتية
      • خطب ودروس
      • قرآن كريم
  • ⚙ جهود المؤسسة
    • ⏳من نحن
    • 📊أخبارنا
    • 📚كتبنا
    • 🎥فيديوهاتنا
    • 🔊صوتياتنا
    • 🖼 تصميماتنا

حقوق الاقتباس متاحة للجميع حتى تعم الفائدة