المتدبر لآيات النصر والمتكين في كتاب الله عز وجل نجد أن النصر والتمكين مقرون دائما بالإيمان ، فلا نجد آية في كتاب الله تعالي ذكر فيها النصر إلا واقترن بالإيمان .
وقال تعالي : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: ٨
صفات الفئة المؤمنة التي تتنزل عليها النصر
الإيمان لغة هو التصديق والاطمئنان وشرعا «التصديق الجازم بكل ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله، مع التسليم به والقبول والعمل » «وقيل هو تصديق بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان؛ يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية)
«التائبون» من الشرك والنفاق «العابدون» المخلصون العبادة لله «الحامدون» له على كل حال «السائحون» الصائمون «الراكعون الساجدون» أي المصلون «الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله» لأحكامه بالعمل بها «وبشر المؤمنين» بالجنة.
{وجلت قلوبهم} أي رقت و فزعت وخافت من الله عز وجل .
عن ابن عباس قوله: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون، ولا يصلون إذا غابوا، ولا يؤدون زكاة أموالهم، فأخبر الله تعالى أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف المؤمنين فقال: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} فأدوا فرائضه. {وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا} يقول: تصديقا {وعلى ربهم يتوكلون} يقول: لا يرجون غيره.([1])
الاعتصام بحبل الله وعدم التنازع والتفرّق: قال – سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: ١٠٣] ، وحبل الله هو كتابه، و سنة رسوله – صلى الله عليه
موالاة المؤمنين والبراءة من الظالمين: قال الله – عز وجل: (وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) [المائدة: ٥٦] ،
إقامة شرع الله تعالى على النفس والأهل وعلى القريب والبعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بقدر ما الاستطاعة، قال – الله تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: ٧] ،
وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا أيها الناس ، لا تمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. صحيح البخاري .
– التوكل على الله: وهو اعتماد القلب على الله وحده وعدم الركون لغيره قال تعالي-: (إن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران: ١٦٠] ، وقال تعالي مخاطبا بني اسرائيل (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [المائدة: ٢٣] .
فهذه هي أسباب النصر، فإن أخذنا بها كنا أهلنا للنصر والتمكين وإن تركناها وابتعدنا عنها وعن منهج الله لم نكن للنصر أهلا، ولن يخلف الله وعده ، قال الله – عز وجل: (وَإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [محمد: ٣٨]
وقد يكون بسبب الذنوب والمعاصي وبعدنا عن منهج الله تعالي، قال سبحانه: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30}،
ومعني سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا أي عاقبكم الله تعالى بالذلة والإهانة
حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ أي : يستمر هذا الذل عليكم ، حتى الي أمر ربكم
ويكون بسبب حب الدنيا وكراهية الموت
حب الدنيا وكراهية الموت فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ، قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت. رواه أحمد وأبو داود