بسم الله الرحمن الرحيم
إبراهيم بن أدهم سيد الزهاد
اسمه وكنيته”
إبراهيم بن أدهم ابن منصور بن يزيد بن جابر القدوة الإمام العارف سيد الزهاد أبو إسحق العجلي وقيل التميمي الخراساني البلخي نزيل الشام ([1])
قال البخاري قال لي قتيبة إبراهيم بن أدهم تميمي يروي عن منصور قال ويقال له العجلي ([2])
وقال ابن معين هو من بني عجل ([3])
يكنى أبا أسحاق ([4])
وبنو عجل وحنيفة أبناء لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.([5])
وأقرب القبائل العراقية نسباً لقبيلة بنو عجل وحنيفة هي قبيلة بنو شيبان، وقبيلة ربيعة المعاصرة
وبلخ
مدينة مشهورة بخراسان في كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس بلخ طولها مائة وخمس عشرة درجة وعرضها سبع وثلاثون درجة وهي في الإقليم الخامس([6])
و بلْخ في أفغانستان.
ابن أخته”
محمد بن عبد الأعلى بن كناسة الأسدي من أنفسهم وهو بن أخت إبراهيم بن أدهم الزاهد روى عن الأعمش وهشام بن عروة وغيرهما وكان عالما بالعربية وأيام الناس والشعر توفي بالكوفة لثلاث ليال خلون من شوال سنة تسع ومائتين في خلافة المأمون ([7])
خادمه”
إبراهيم بن بشار بن محمد أبو إسحاق الخرساني الصوفي خادم إبراهيم بن أدهم كان ينتسب إلى ولاء معقل بن يسار قدم بغداد وحدث بها عن حماد بن زيد وجعفر بن سليمان و إبراهيم بن أدهم وفضيل………….الخ ([8])
شيوخه”
حدث عن أبيه ومحمد بن زياد الجمحي صاحب أبي هريرة وأبي إسحاق السبيعي ومنصور بن المعتمر ومالك بن دينار وأبي جعفر محمد بن علي وسليمان الأعمش وابن عجلان ومقاتل بن حيان ([9])
تلاميذه”
حدث عنه رفيقه سفيان الثوري وشقيق البلخي وبقية بن الوليد وضمرة بن ربيعة ومحمد بن حمير وخلف بن تميم ومحمد بن يوسف الفريابي وإبراهيم بن بشار الخراساني خادمه وسهل بن هاشم وعتبة بن السكن وحكى عنه الأوزاعي وأبو إسحاق الفزاري ([10])
محنته”
ذكر المفضل الغلابي أنه هرب من أبي مسلم صاحب الدعوة ([11]) الدعوة العباسية
داود بن يحيى عن عبيد الله بن محمد قال استقبل إبراهيم بن أدهم رجل من الجند فرآه أشعث أغبر فتعلق به وقال أنت آبق فكتفه وذهب به فلما أدخله الدار ثم جاء من عرفه فقال ويحك ما أردت إلا هذا هذا إبراهيم بن أدهم فذكر حاله وفضله فأطلق عنه قال ثم جعل يستحله ويطلب إليه قال أنت في حل إن لم تعد لمثل هذا ([12])
ما قيل في ترجمته”
قال النسائي هو ثقة مأمون أحد الزهاد
قال عبد الرحمن بن مهدي قلت لابن المبارك إبراهيم بن أدهم ممن سمع قال قد سمع من الناس وله فضل في نفسه صاحب سرائر وما رأيته يظهر تسبيحا ولا شيئا من الخير ولا أكل مع قوم قط إلا كان آخر من يرفع يده
قال أبو نعيم سمعت سفيان يقول كان إبراهيم بن أدهم يشبه إبراهيم الخليل ولوكان في الصحابة لكان رجلا فاضلا
قال بشر الحافي ما أعرف عالما إلا وقد أكل بدينه إلا وهيب بن الورد وإبراهيم بن أدهم ويوسف بن أسباط وسلم الخواص
قال علي بن بكار كان إبراهيم من بني عجل كريم الحسب وإذا حصد ارتجز وقال اتخذ الله صاحبا ودع الناس جانبا
بشر الحافي حدثنا يحيى بن يمان قال كان سفيان إذا قعد مع إبراهيم بن أدهم تحرز من الكلام ([13])
من مناقبه وزهده”
عن الفضل بن موسى قال حج والد إبراهيم بن أدهم وزوجته فولدت له إبراهيم بمكة
وعن يونس البلخي قال كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب والجنائب والبزاة فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يركضه إذا هو بصوت من فوقه يا إبراهيم ما هذا العبث أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ([14])
اتق الله عليك بالزاد ليوم الفاقة فنزل عن دابته ورفض الدنيا
وفي رسالة القشيري قال هو من كورة بلخ من أبناء الملوك أثار ثعلبا أو أرنبا فهتف به هاتف ألهذا خلقت أم بهذا أمرت فنزل وصادف راعيا لأبيه فأخذ عباءته وأعطاه فرسه وما معه ودخل البادية وصحب الثوري والفضيل بن عياض ودخل الشام وكان يأكل من الحصاد وحفظ البساتين ورأى في البادية رجلا علمه الاسم الأعظم فدعا به فرأى الخضر وقال إنما علمك أخي داود رواها علي بن محمد المصري الواعظ
قال إبراهيم بن بشار حدثني إبراهيم بن أدهم بذلك لما سألته عن بدء أمره
عن ابن بشار بإسناد آخر وزاد قال فسألت بعض المشايخ عن الحلال فقال عليكم بالشام فصرت إلى المصيصة فعملت بها أياما ثم قيل لي عليك بطرسوس فإن بها المباحات فبينا أنا على باب البحر اكتراني رجل أنطر بستانه فمكثت مدة
قال خلف بن تميم سمعت إبراهيم يقول رآني ابن عجلان فاستقبل القبلة ساجدا وقال سجدت لله شكرا حين رأيتك
قال خلف بن تميم سألت إبراهيم منذ كم قدمت الشام قال منذ أربع وعشرين سنة ما جئت لرباط ولا لجهاد جئت لأشبع من خبز الحلال
وعن بقية قال دعاني إبراهيم بن أدهم إلى طعامه فأتيته فجلس فوضع رجله اليسرى تحت أليته ونصب اليمنى ووضع مرفقه عليها ثم قال هذه جلسة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس جلسة العبد خذوا بسم الله فلما أكلنا قلت لرفيقه أخبرني عن أشد شيء مر بك منذ صحبته
قال كنا صياما فلم يكن لنا ما نفطر عليه فأصبحنا فقلت هل لك يا أبا إسحاق أن نأتي الرستن فنكري أنفسنا مع الحصادين قال نعم قال فاكتراني رجل بدرهم فقلت وصاحبي قال لا حاجة لي فيه أراه ضعيفا فما زلت به حتى اكتراه بثلثين فاشتريت من كرائي حاجتي وتصدقت بالباقي فقربت إليه الزاد فبكى وقال أما نحن فاستوفينا أجورنا فليت شعري أوفينا صاحبنا أم لا فغضبت فقال أتضمن لي أنا وفيناه فأخذت الطعام فتصدقت به
عن بقية قال كنا مع إبراهيم في البحر فهاجت ريح واضطربت السفينة وبكوا فقلنا يا أبا إسحاق ما ترى فقال يا حي حين لا حي ويا حي قبل كل حي ويا حي بعد كل حي يا حي يا قيوم يا محسن يا مجمل قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك فهدأت السفينة من ساعته
عيسى بن حازم النيسابوري يقول كنا بمكة مع إبراهيم بن أدهم فنظر إلى جبل أبي قبيس فقال لو أن مؤمنا مستكمل الإيمان يهز الجبل لتحرك فتحرك أبو قبيس فقال اسكن ليس إياك أردت
وعن مكي بن إبراهيم قال قيل لابن أدهم ما تبلغ من كرامة المؤمن قال أن يقول للجبل تحرك فيتحرك قال فتحرك الجبل فقال ما إياك عنيت
قال ابن أبي الدنيا حدثنا محمد بن منصور حدثنا الحارث بن النعمان قال كان إبراهيم بن أدهم يجتني
الرطب من شجر البلوط ([15])
قال ابن بشار و خرجت أنا وإبراهيم بن آدهم وأبو يوسف الغسولي وأبو عبد الله السنجاري نريد الاسكندرية فمررنا بنهر يقال له نهر الأردن قعدنا نستريح و كان مع أبي يوسف كسيرات يابسات فألقاها بين أيدينا فأكلناها و حمدنا الله عزوجل فقمت أسعى أتناول ماء لإبراهيم فبادر إبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء إلى ركبتيه فقال بكفيه في الماء فملأهما ثم قال بسم الله و شرب الماء ثم قال
الحمد لله ثم ملأ كفيه و قال بسم الله وشرب الماء ثم قال الحمد لله ثم إنه خرج من النهر فمد رجليه ثم قال يا أبا يوسف لو علم الملوك وأبناء الملوك مانحن فيه من النعيم و السرور لجالدونا عليه بالسيوف أيام الحياة فقلت يا أبا إسحاق طلب القوم الراحة و النعيم فأخطأوا الطريق المستقيم فتبسم و قال من أين لك هذا الكلام
على بن بكار قال كنا جلوسا بالمصيصة و عندنا إبراهيم بن أدهم فقدم رجل من خراسان فقال أيكم إبراهيم بن أدهم فقال القوم هذا قال إن إخوتك بعثوني إليك فلما سمع ذكر إخوته قام فأخذ بيديه فنجاه فقال ما جاء بك فقال أنا مملوكك معي فرس و بغلة وعشرة آلاف درهم بعث بها إليك إخوتك فقال إن كنت صادقا فأنت حر و ما معك لك اذهب فلا تخبر أحدا فذهب ([16])
من أقواله”
قال المسيب بن واضح حدثنا أبو عتبة الخواص سمعت إبراهيم بن أدهم يقول من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة الناس وإلا لم ينل ما يريد
وعن إبراهيم قال الزهد فرض وهو الزهد في الحرام وزهد سلامة وهو الزهد في الشبهات وزهد فضل وهو الزهد في الحلال
محمد بن ميمون المكي حدثنا سفيان بن عيينة قال قيل لإبراهيم ابن أدهم لو تزوجت قال لو أمكنني أن أطلق نفسي لفعلت
عبد الرحمن بن مهدي عن طالوت سمعت إبراهيم بن أدهم يقول ما صدق الله عبد أحب الشهرة
وعن إبراهيم بن أدهم قال كل ملك لا يكون عادلا فهو واللص سواء وكل عالم لا يكون تقيا فهو والذئب سواء وكل من ذل لغير الله فهو والكلب سواء ([17])
وقيل له إن اللحم غلا فقال ارخصوه أي لا تشتروه فانه يرخص
قال أبو حنيفة يوما لابراهيم بن أدهم قد رزقت من العباد شيئا صالحا فليكن العلم من بالك فانه رأس العباد وقوام الدين
فقال له إبراهيم وأنت فليكن العبادة والعمل بالعلم من بالك وإلا هلكت ([18])
-
قال إبراهيم بن أدْهم لرجل في الطواف: «أعلم أنك لا تنال درجة الصالحين حتى تجوز ست عقبات: أولاها: تغلق باب النعمة، وتفتح باب الشدَّة. والثانية: تغلق باب العزِّ ،وتفتح باب الذلِّ. والثالثة: تغلق باب الراحة، وتفتح باب الجهد. والرابعة: تغلق باب النوم؛ وتفتح باب السهر. والخامسة: تغلق باب الغنى، وتفتح باب الفقر. والسادسة: تغلق باب الأمل، وتفتح باب الاستعداد للموت
-
سئل إبراهيم بن أدهم لم لا تخالط الناس؟ فقال: «إن صحبت من هو دوني آذاني بجهله، وإن صحبت من هو فوقي تكبر علي، وإن صحبت من هو مثلي حسدني، فاشتغلت بمن ليس في صحبته ملل ولا وصلة انقطاع ولا في الأنس به وحشة
-
«الفقر مخزون في السماء، يعدل الشهادة عند الله، لا يعطيه إلا لمن أحبه.»
-
«على القلب ثلاثة أغطية: الفرح، والحزن، والسرور. فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص، الحريص محروم. وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط، والساخط معذب. وإذا سررت بالمدح فأنت معجب، والعجب يحبط العمل. ودليل ذلك قول القرآن (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)»
-
«قلة الحرص والطمع تورث الصدق والورع، وكثرة الحرص والطمع تكثر الهم والجزع.»
-
كان إبراهيم بن أدهم يمشي في البصرة فاجتمع إليه الناس فقالوا: «ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا، والله تعالى يقول: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))(سورة غافر الآية 60)،» فقال: «يا أهل البصرة قد ماتت قلوبكم بعشرة أشياء: عرفتم الله ولم تؤدوا حقه. قرأتم القرآن ولم تعملوا به. ادعيتم حب الرسول صلى الله عليه وسلم وتركتم سنته. ادعيتم عداوة الشيطان وأطعتموه. ادعيتم دخول الجنة ولم تعملوا لها. ادعيتم النجاة من النار ورميتم فيها أنفسكم. قلتم الموت حق ولم تستعدوا له. اشتغلتم بعيوب الناس ولم تنشغلوا بعيوبكم. دفنتم الأموات ولم تعتبروا. أكلتم نعمة الله ولم تشكروه عليها.»
-
وكان يقول: «ما لنا نشكو فقرنا إلى مثلنا ولا نسأل كشفه من ربنا.»
-
قال رجل لإبراهيم بن أدهم: «إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء!!» فقال: «لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف.»
-
يقول إبراهيم بن أدهم: «إذا كنت بالليل نائما وبالنهار هائماً وفي المعاصي دائماً فكيف تُرضي من هو بأمورك قائماً؟!»
-
وقال: «إنما يتم الورع بتسوية كل الخلق في قلبك، والاشتغال عن عيوبهم بذنبك، وعليك باللفظ الجميل من قلب ذليل لرب جليل، فكر في ذنبك وتب إلى ربك ينبت الورع في قلبك واقطع الطمع إلا من ربك.»







