يقول أ.د. علي محمد عودة لا يعرف بالضبط متى سكن الإنسان أرض فلسطين، ولكن الكثير من الإشارات تدل على أن أول من سكن فلسطين هم مجموعة قبائل تدعى بـ “(النطوفيين )في القرن (14) قبل الميلاد، ولهم آثار تدل عليهم، ولكن لا أحد يعرف: من هم؟ وما أصلهم؟ ومن أين جاؤوا؟ إلا أنهم أصحاب أقدم آثار اكتشفت فيها حتى الآن.
في القرن (8) قبل الميلاد: وجدت آثار تشير إلى البداية كانت في مدينة “أريحا”، والتي تعتبر أقدم مدينة في العالم، واستمر ذلك حتى منتصف القرن (4) قبل الميلاد.([1])
أريحا أقدم مدن الدنيا
أريحا مدينة كنعانية قديمة ويرجع عمرها وتاريخها إلى 10,000-11,000 عام وكانت مبنية من الطوب اللبن وكان حولها خندق عرضه 28 قدم وعمقه 8 قدم ومنحوت من الصخر. اكتشف في موقعها فخار ومصنوعات برونزية وعظام وأدوات منزلية خشبية وسلال وأقمشة. وقد دمرت في أواخر العصر البرونزي وهي أقدم مدينة اكتشفت حتى الآن تعتبر أريحا البوابة الشرقية لفلسطين وترتبط بالضفة الشرقية بشبكة طرق معبدة وتتصل بطريق القدس -عمان، وتقع إلى الشمال من مدينة القدس، وتبعد عنها 38 كم، و 70 كم عن مدينة الخليل في الجنوب.
وأريحا عند الكنعانيين تعني قمر والكلمة مشتقة من فعل (يرحو) أو (اليرح) في لغة جنوبي الجزيرة العربية تعني شهر أو قمر ([2])
العصرالبُرُنْزيّ
هو فترة زمنيّة قديمة من فترات الحضارة الإنسانيَّة تميّزتْ باستخدام الأدوات المصنوعة منالبُرُنْز تمتد من قرابة 3300 قبل الميلاد إلى 1200 قبل الميلاد، تميزت باستخدام البرونز، ووجود الكتابة البدائية في بعض المناطق، وغيرها من السمات المبكرة للحضارة الحضري
والبُرُنز، مزيج معدنيّ من النُّحاس والقصدير، وقد يشتمل على عناصر أخرى كالفُسْفور والزَّنك، يميل لونه إلى الحُمْرَة، ويُستعمل في سَكّ العُمْلة وصناعة التَّماثيل والأجراس وغيرها.
ولقد ظهر النطوفيون Natufian culture في فلسطين، وجاءت تسميتهم نسبة إلى وادي النطوف غربي القدس، وتعتبر الحضارة النطوفية الحضارة الأولى عن طريق تقدم الإنسان وارتقائه، فمن خلالها وصلت التحولات الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين قمتها، فبعد أن بلغ النطوفيون درجة عالية من التقدم وضع الأساس المادي والفكري المباشر للانعطاف الجذري والأهم في تاريخ البشرية، إلا أن أهم ما امتازت به هذه الحضارة انتقالها بالإنسان من مرحلة الصيد وجمع الطعام إلى مرحلة الزراعة وتدجين الحيوان، وبذلك تحول من الاقتصاد الاستهلاكي إلى الاقتصاد الإنتاجي، وكان القمح والشعير أول ما زرع الإنسان . وتفيد المراجع التاريخية عدم وجود أي دليل على ممارسة شعب آخر غير النطوفي للزراعة في مثل هذا العصر البعيد ([3])
الكنعانيون وفلسطين
عرفت فلسطين؛ منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد بأرض كنعان أو بلاد كنعان
و الكنعانيون من العرب البائدة مثل عاد وثمود وغيرهم و ينتسبون الي الشعوب السامية، نسبة إلى سام بن نوح عليه السلام، والشعوب السامية هم الشعوب الذين يتكلمون بالعربية والعبرية والآرامية والامهرية والأكادية والشحرية. وقد استقر الكنعانيون في جنوب سوريا وفلسطين وسيطروا عليها سيطرة تامّة،
فاشتهرت هذه المنطقة باسم أرض كنعان أو بلاد كنعان، حيث أنهم خرجوا من الجزيرة العربية بسبب قلة الأرزاق وكثرة المجاعات ولا يعرف علي وجه التحديد زمن الهجرة لهذه القبائل الا ما قيل في حدود سنة 3500 قبل ميلاد المسيح عليه السلام .([4])
والكنعانيون هم الذين جاء ذكرهم في التوراة وسكنوا فلسطين قبل هجرة إبراهيم الخليل عليه السلام بحوالي 1200سنه وقبل موسى عليه السلام ب 1700 عام تقريبا،ولم يعرف شعبا سكن فلسطين قبلهم بخلاف ما جاء عن (النطوفيين )حيث أنها كانت أرض خالية من السكان ومن عوامل الحياة
ويحتمل أن الكنعانيون أول ما دخلوا هذه البلاد وجدوا هذه المجموعات من (النطوفيين )فسكنوا معهم وكانت لهم الغلبة عليهم بعد ذللك
وكان من الكنعانيون ما عرف بالعماليق أو القوم الجبارين الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم وسموهم “جبارين” لشدة بطشهم وعظم أجسادهم وقد كانوا قهروا سائر الأمم
قال الطبري أن جدهم عمليق هو أول من تكلم العربية، كما أن أسفار التوراة ذكرتهم عدة مرات وسمتهم باسمهم العماليق حيناً وباسم الجبارين حيناً آخر. وذكرت أسماء بعض زعمائهم ومدنهم العربية، فقد عاصروا دخول وخروج بني إسرائيل من وإلى مصر، واصطدموا معهم في معارك عدة بمنطقة سيناء خروجهم من مصر.
وقال الطبري أيضا عمليق أبو العماليق، كلهم أمم تفرقت في البلاد، وكان أهل المشرق وأهل عُمان وأهل الحجاز وأهل الشام وأهل مصر منهم؛ ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم «الكنعانيون»، ومنهم كانت الفراعنة بمصر، الأموريين العماليق البدو
وقال أيضاً والعماليق قوم عرب لسانهم الذي جبلوا عليه لسان عربي، وأن عمليق أول من تكلم العربية، فعاد وثمود والعماليق وأُميم وجاسم وجديس وطسم هم العرب ([5])
وقال ابن خلدون في تاريخه.
ومن العماليق أمة جاسم، فمنهم بنو لف وبنو هزان وبنو مطر وبنو الأزرق وبنو الأرقم، جاء في (سفر العدد 13/29)(والعَمالقةُ مُقيمونَ بأرضِ الجنوبِ) ومنهم بديل وراحل وظفار، ومنهم الكنعانيون وبرابرة الشام وفراعنة مصر([6] )
اليبوسيون
وهم من القبائل الكنعانية سكنوا مدينة القدس الشريف واستقروا فيها ولم يعلم أن أحدا سكن قبلهم في مدينة القدس الشريف باتفاق المؤرخين وكانوا قبل ميلاد المسيح 4000 عام
وكان اليبوسيون يعيشون في مدينة القدس فقط، وباقي الكنعانيُّونَ مُقيمونَ عِندَ البحرِ وعلى مَجرى الأُردُنِّ وقد بنى اليبوسيون بقيادة ملكهم «ملكي صادق» مدينة القدس وأسموها «ساليم» وهو اسم إله السلام عند الكنعانيين، أو “يورسالم” ويور معناها أرض ثم حرفت لاحقا إلى «أورشالم» والتي تعني «جبل السلام»، وقد كانت القدس تسمى أيضا ب«بيوس» نسبة إلى اليبوسيين ولقد واستقروا في المنطقة لمدة طويلة قبل هجرة سيدنا ابراهيم بالأف السنين
فيعتبر أوّل اسم ثابت لمدينة القدس هو أورسالم» الذي يظهر في رسائل تل العمارنة المصرية، ويعني أسس سالم؛ وسالم أو شالم هو اسم الإله الكنعاني حامي المدينة
وكان لليبوسيون قلاع حصينة أقاموا حولها الأسوار المرتفعة والأبراج العالية للدفاع عن المدينة ضد أي محتل والآثار اليبوسية ما تزال باقية في سور المسجد الأقصى
القبائل العربية في فلسطين
انقسمت القبائل العربية في فلسطين إلى أقسام
الكنعانيون: سكنوا سهول فلسطين.
اليبوسييون: استقروا في منطقة القدس.
الفينيقيون والعمورييون: سكنوا في الجبال.
و لم تسمى فلسطين أبدا بأرض يهود ولا أرض بني إسرائيل، ولم يكن لليهود ولا لبني إسرائيل إلى هذا الزمان أي ذكر ولا تواجد نهائيا
[1]) تاريخ فلسطين القديم (من النشأة حتى الإسلام) طارق السويدان
[2])عادل عبد السلام. “أريحا (في فلسطين)”) Schreiber، 2003، ص. 141.